بقلم : الدكتور علي فواز العدوان
في عالم يتسم بالتدفق السريع للمعلومات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت "جدران الشيطان" واحدة من أكثر الظواهر تأثيرًا على الرأي العام هذه الجدران ليست مادية بل هي حواجز نفسية وثقافية تُبنى في عقول الأفراد والمجتمعات تهدف إلى عزلهم عن الأفكار المختلفة وتوجيه تفكيرهم نحو وجهات نظر محددة تُعرف هذه الجدران أيضًا باسم "غرف الصّدى" أو "فقاعات الترشيح" حيث يتعرض الأفراد فقط للمعلومات التي تعزز معتقداتهم الحالية مما يعزز الانقسامات ويحد من التفكير النقدي.

يعيش الأفراد في فقاعات معلوماتية مغلقة يصبحون أقل عرضة لسماع آراء مخالفة هذا يؤدي إلى تعزيز الانقسامات الاجتماعية والسياسية حيث يرى كل طرف الآخر على أنه خصم أو عدو بدلًا من شريك في الحوار.

في ظل هذه الجدران تزداد احتمالية تحول الآراء المعتدلة إلى متطرفة. فالأفراد الذين يتعرضون فقط لمعلومات تؤكد معتقداتهم يميلون إلى تبني مواقف أكثر تشددًا مما يزيد من حدة الصراعات الاجتماعية.
عندما تُقدّم المعلومات بشكل انتقائي يفقد الأفراد القدرة على تحليلها نقديًا.
يصبحون أكثر عرضة للتلاعب من قبل الجهات التي تسيطر على تدفق المعلومات سواء كانت حكومات أو شركات أو جماعات ضغط.
مع انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة داخل هذه الجدران تتراجع ثقة الأفراد في المؤسسات التقليدية مثل وسائل الإعلام والأكاديميات والحكومات هذا التآكل في الثقة يزيد من صعوبة بناء توافق في الرأي العام حول القضايا المهمة.
وهنا أرى ان أجيب على كيفية مجابهة جدران الشيطان؟
يجب تعليم الأفراد كيفية تحليل المعلومات بشكل نقدي والتمييز بين المصادر الموثوقة وتلك التي تروج للأكاذيب. التعليم الإعلامي يمكن أن يساعد في بناء مناعة ضد التلاعب بالمعلومات.

و تعزيز ثقافة الحوار بين الأفراد ذوي الآراء المختلفة و هذا يتطلب إنشاء مساحات آمنة للنقاش حيث يمكن للأفراد التعبير عن آرائهم دون خوف من الهجوم أو الإقصاء.
على الأفراد أن يحرصوا على متابعة مصادر معلومات متنوعة بما في ذلك تلك التي تقدم وجهات نظر مخالفة لمعتقداتهم هذا يساعد في تكوين رؤية أكثر توازنًا للعالم.
وكذلك يجب على شركات التكنولوجيا أن تكون أكثر شفافية حول كيفية عمل خوارزمياتها التي تتحكم في تدفق المعلومات هذا يمكن أن يساعد في تقليل تأثير فقاعات الترشيح.
ومما يساهم في مكافحة هذة الظاهرة المجتمعية دعم الصحافة المستقلة فالصحافة الحرة والمستقلة تلعب دورًا حاسمًا في كشف الحقائق ومحاربة المعلومات المضللةو دعم هذه المؤسسات يمكن أن يساعد في بناء مجتمع أكثر وعيًا.
يجب تعزيز القيم الديمقراطية مثل التسامح واحترام الرأي الآخر هذه القيم تشكل أساسًا لمجتمع قادر على مواجهة التحديات الناتجة عن جدران الشيطان.
جدران الشيطان ليست مجرد ظاهرة تكنولوجية بل هي تحدٍ اجتماعي وسياسي يتطلب مواجهة جماعية. من خلال تعزيز التعليم الإعلامي وتشجيع الحوار المفتوح ودعم الصحافة المستقلة يمكننا كسر هذه الجدران وبناء مجتمع أكثر انفتاحًا وتفاهمًا. في النهاية مواجهة هذه الظاهرة ليست فقط مسؤولية الأفراد بل هي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمؤسسات والمجتمع ككل.