حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,26 فبراير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1699

د.عبدالله الزعبي يكتب: من الحرب الروسية الأوكرانية إلى القضية الفلسطينية القرارات تتغير

د.عبدالله الزعبي يكتب: من الحرب الروسية الأوكرانية إلى القضية الفلسطينية القرارات تتغير

د.عبدالله الزعبي يكتب: من الحرب الروسية الأوكرانية إلى القضية الفلسطينية القرارات تتغير

26-02-2025 08:44 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ا. د. عبدالله سرور الزعبي
في الذكرى الثالثة للحرب الروسية الأوكرانية شهد العالم حراكا دوليا غير مسبوق، حيث قادة أوروبا في اجتماعات شبه متواصلة وحضورهم إلى كييف للتضامن والرئيس الفرنسي في واشنطن والجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد اجتماعا لمناقشة حرب أوكرانيا وتتخذ قرارها ومجلس الأمن يجتمع ويتخذ قرارا آخر، وروسيا تطالب بالقضاء على أسباب النزاع وأميركا تسابق الزمن في الوصول إلى حل، ولا يهم على حساب من، والعالم في دهشة كبرى.


قبل ثلاث سنوات كانت قد اندلعت هذه بسبب عدم توافق السياسات الأوكرانية مع السياسة الروسية الكبرى والقائمة على عقيدة القيصر بطرس الأكبر والتي تنص على ضرورة السيطرة الروسية على القوقاز والقرم والبلطيق وأوكرانيا ومنع وحدة أوروبا والوصول إلى المياه الدافئة ومنها سواحل البحر المتوسط، وهي العقيدة التي يتبناه الرئيس بوتين.


مع اندلاع النزاع سارع حلف الناتو بزعامة أميركا لإدانة الاعتداء الروسي وتقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي لأوكرانيا وفرض أكبر حزمة من العقوبات في تاريخ البشرية على روسيا، لعدم اتاحة الفرصة لها لتحقيق نصر إستراتيجي سيغير خريطة أوروبا الجيوسياسية وسيفرض قطبا عالميا جديدا، ومنذ ذلك التاريخ لم يستطع مجلس الأمن من تمرير أي قرار لإدانة الحرب بسبب الفيتو الروسي.
إن قوة الموقف الأميركي الأوروبي الدعم لأوكرانيا لإزالة ما وصفوه بالاعتداء الروسي واحتلال أراضي الغير بالقوة، الا انهم تناسوا أن هناك صراعا قد مضى عليه أكثر من سبعة عقود واحتلالا لأراض فلسطينية قارب الستة عقود ولم يشهد العالم مواقف شبيهة لدعم أوكرانيا أو فرض عقوبات لإزالة الاحتلال الإسرائيلي، وقد كنت قد كتبت مقالا بتاريخ 20/11/2023 بعنوان «من أوكرانيا إلى غزة فلسطين العالم يتغير»، وها هو فعلاً يتغير، ولكن ليس لصالح السلام العادل بل لصالح السلام بالقوة.
إن مصطلح السلام بالقوة، ليس بالمصطلح الجديد على السياسة العالمية، فقد استخدم منذ عصر الإمبراطورية الرومانية وتوسعت الأمم باستخدامه عبر التاريخ، ومنها الولايات المتحدة الأميركية حيث قال مؤسس أميركا جورج واشنطن «إذا كنا نرغب بتحقيق السلام فيجب أن يكون معروفاً لنا باننا يجب أن نكون مستعدين في كل الأوقات للحرب» ومنذ ذلك الوقت وهي في عقل السياسات الأميركية، وتعمق المفهوم بقوة في فترة الرئيس ريغان، عندما دخل في سباق التسلح الذي أضعف اقتصاد الاتحاد السوفيتي وأدى إلى انهياره، ها هو الرئيس ترامب يركز عليه مع سياسة التحالف مع القوي المفيد وترك الضعيف العبء، وفي هذه الحالة وجد أن روسيا هي المفيدة له لتحقيق أهدافه، ولكن بدون أوروبا المترددة من وجهة نظره.


إن قرار مجلس الأمن الصادر يوم أمس 24/2/2024 بالموافقة على المشروع الأميركي وهو المعبر عن ميثاق الأمم المتحدة لصون السلام والأمن الدوليين وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، ويدعو القرار إلى المسارعة بوضع حد للنزاع وتحقيق سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا، وقد مر القرار دون أن تستخدم أي من الدول الأوروبية (فرنسا وبريطانيا) حقها بالفيتو رغم تهديده للمصالح الأوروبية. كما انه لمن الملاحظ الرفض الأميركي القاطع بإدخال التعديلات الأوروبية الداعية الى وحدة وسلامة الأراضي الأوكرانية.
إن مرور هذا القرار وبهذا الشكل سيشكل منعطفاً خطيراً على العلاقات الدولية، حيث فرض واقع جيواستراتيجي جديد في أوروبا، وسيفرض عليها حل جذور الازمة من أساسها، كما طلب الرئيس الروسي.
ان الواقع الجيوسياسي الجديد سيضرب ليس أوروبا فقط بل سيصل إلى الشرق الأوسط وسيضرب مستقبل القضية الجوهرية له وهي القضية الفلسطينية (وهنا لا بد من الإشارة الى ان الدول الاوربية كانت قد اخطأت خلال العقود الماضية لعدم لعب دور أقوى لحل القضية الفلسطينية، ولو قامت بذلك لما وصلت الى ما وصلت اليه اليوم).
ان الغزل الروسي الأميركي خلال الأسابيع الماضية وتحميل الرئيس ترامب مسؤولية اندلاع الحرب لأوكرانيا، واعداد مشروع القرار الذي تم تمريره من قبل مجلس الأمن، هو تمهيد لتمرير قرار آخر يتعلق بالدعوة للسلام بالشرق الأوسط ووقف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني دون الدعوة للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية ووقف سفك الدماء دون الإشارة إلى حق إقامة الدولة الفلسطينية، ومن الممكن أن يكون مثل هذا المشروع جاهزا وسيتم طرحه في المستقبل القريب (ولن يتم استشارة أحد من الأطراف المعنية باستثناء إسرائيل، وهذا واضح من تصريحات ترامب لفوكس نيوز حيث قال ليس من المهم حضور الرئيس الاوكراني محادثات السلام، وغدا سيقول ليس من المهم حضور الجانب الفلسطيني) كما ولن يتم الاعتراض عليه بحق النقض بالفيتو من أي دولة من الدول العظمى.


وعندها سيكون القرار مرجعية أممية جديدة ولن ينظر أحد إلى القرارات الأممية السابقة والتي مضى عليها عقود من الزمن ولم ينفذ منها شيء.
اليوم والعالم يتغير وبشكل متسارع والرئيس بوتين يقدم الإغراءات للرئيس ترامب ليس للاستحواذ على معادن أوكرانيا فقط، لا بل بدعوة الشركات الأميركية للاستثمار في الثروات الطبيعية الروسية وهي الدولة التي تحتوي على أكبر مخزون عالمي من مصادر الطاقة والمعادن المختلفة ومنها النادرة.
ان مثل هذا الأمر يجعل أوروبا في وضع لا تحسد عليه، من حيث الحصول على مصادر الطاقة والمعادن الضرورية لصناعاتها والتي تسمح لها من المنافسة في السوق العالمي (وخاصة أن الصين قد تكون طرفاً في معادلات بوتين وترامب، لتشكيل مثلث عالمي جديد)، فإنها اليوم بأمس الحاجة للبحث عن تكتل آخر (إذا بقيت موحدة)، وقد يكون الأمثل لها ان تتجه لمنطقة الشرق الأوسط لما لحضارتيهما من عمق تاريخي، واعتقد بان هذا فرصة قوية لكي تسارع الدول العربية لمثل هذا التكتل والذي قد يخفف من قوة التغيرات القادمة على مستقبل المنطقة.
أما نحن في الأردن، وكوننا جزء لا يتجزأ من المنطقة، فإننا نعي التغيرات العالمية المتسارعة ونرى الاخطار المحدقة بالمنطقة، وعلى الرغم من سياسة الحذر التي نسير فيها، ومحاولة اقناع الدول العربية بالدفع بتكتل عربي قوي يمكننا من لعب دور مهم في انشاء مثل هذا التكتل مع الدول الأوروبية وذلك لما لجلالة الملك من قوة بالحضور والاحترام لدى قادة الدول الأوروبية.
كما أن على كافة الأطياف السياسية والاجتماعية الأردنية التماسك وبقوة والتلاحم مع القيادة الهاشمية والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية لحماية أمن الأردن واستقراره، وخاصة ان ثقتنا بحكمة جلالة الملك وولي العهد لا حدود لها لحماية مصالح الأردن، وهو ما عبر عنه جلالة الملك في اجتماعه الأخير مع الرئيس الأميركي الأخير حيث قال «علي أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي».











طباعة
  • المشاهدات: 1699
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-02-2025 08:44 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم