27-02-2025 09:10 AM
بقلم : د. رعد التل
يُعد القطاع السياحي أحد الخيارات الاستراتيجية التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي، وتنويع الصادرات، واستحداث فرص العمل، وفي دراسة أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية، الدكتور سعيد الطراونة، التي تناولت دور السياحة في الاقتصاد الأردني، تم تقييم تأثير السياحة على القطاعات الأخرى. أظهرت النتائج أن كل دينار يُنفق في السياحة يسهم في زيادة الناتج الاقتصادي بمقدار 1.55 دينار، وزيادة القيمة المضافة بـ 0.74 دينار، وخلق 0.069 فرصة عمل، وزيادة المستوردات بـ 0.22 دينار. لكن، عند مقارنة هذه النتائج مع دول أخرى مثل تركيا وتنزانيا ورومانيا، تبين أن دور السياحة في الاقتصاد الأردني ما يزال محدودًا. يعود ذلك إلى أن الإنفاق السياحي يتركز أساسًا في القطاع نفسه مع تأثير ضعيف على القطاعات الأخرى.
لاشك بأن العدوان على غزة قد أثَّر سلبًا على أداء السياحة في الأردن، فقد أظهر تقرير وزارة السياحة انخفاضًا في أعداد الزوار الأجانب، خصوصًا من أوروبا وأمريكا الشمالية. لكن تأثير الحرب على غزة لم يكن متساويًا عبر مختلف قطاعات السياحة، حيث تأثرت بعض المناطق والمنشآت بشكل أكبر من غيرها. فعلى سبيل المثال، كانت التأثيرات أكبر في المواقع السياحية مثل العقبة والبتراء ووادي رم ومادبا، بينما تأثرت المنشآت التي تعتمد على الزوار الأجانب، مثل وكالات السياحة والفنادق الفاخرة، بشكل ملحوظ. تأثير للحرب على غزة على السياحة الأجنبية، حيث انخفض عدد الزوار الأجانب في عام 2024 بحوالي 600 ألف زائر، مما أدى إلى فقدان 194 مليون دينار أردني من الدخل السياحي، بحسب تقرير وزارة السياحة.
وسط هذه التحديات لا بد من المسؤولين الرسميين عن القطاع اتخاذ خطوات عملية وفورية لمعالجة الأعباء المالية التي تواجه المستثمرين والعاملين في هذا القطاع. ومن أهم الحلول المقترحة في هذا السياق هي: أولًا: مقترحات لتخفيف الاعباء المالية، من المهم إعادة جدولة ديون المستثمرين في قطاع السياحة (خاصة التي ترتتب عليها خلال حرب غزة) من خلال منحهم فرصة لتعديل شروط القروض المستحقة، مع تمديد فترات السداد دون فرض فوائد إضافية أو غرامات تأخير. يمكن أن تساهم تخفيضات نسب الفائدة في تخفيف الآثار المالية الناتجة عن حرب غزة، فمن خلال خفض نسب الفائدة على القروض الخاصة بالمشاريع السياحية، وتقديم قروض مدعومة، وإنشاء برامج تمويل مدعومة أو مخفضة للمستثمرين في السياحة، يمكن إعادة تشغيل المنشآت السياحية وتحفيز الاستثمارات الجديدة.
ثانياً: مقترحات لتحفيز النشاط الاقتصادي السياحي، من الهم النظر بتخفيض ضريبة العبىء الضريبي على المستثمرين في السياحة مراعاة للظروف الحالية (ولو مؤقتاً- تخفيض النسبة المفروضة عليهم لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات مثلاً). والنظر بجدولة الضرائب المستحقة على المستثمرين دون فرض فوائد تأخير. يمكن أن يتم تقديم إعفاءات ضريبية جزئية أو كاملة على المبيعات والخدمات السياحية لفترة زمنية محددة لتحفيز النشاط الاقتصادي.
ثالثاً: مقترحات لتعزيز الاردن كوجهة سياحية، إن تعزيز جهود التسويق السياحي من خلال حملات ترويجية موجهة إلى أسواق جديدة، بما في ذلك عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيسيكون له الاثر الكبير في جذب المزيد من السياح. ويمكن للمؤسسات السياحية والحكومة التعاون لإطلاق حملات دولية تبرز الوجهات السياحية الأردنية، بما في ذلك السياحة العلاجية والتعليمية، لجذب مزيد من الزوار من دول المنطقة والأسواق العالمية.
رابعاً: مقترحات إجرائية حكومية، من المهم جداً إنشاء صندوق طوارئ لدعم السياحة، لتخصيص دعم للمستثمرين والعاملين في هذا القطاع لتعويضهم عن الخسائر. كما يمكن إعفاء أو تخفيض رسوم المياه والكهرباء على المنشآت السياحية، أسوة بالمصانع، لضمان استمراريتها. يجب أن يتم تأجيل أي قرارات تؤدي إلى إغلاق المنشآت السياحية المتعثرة، ومنحها الفرصة لتصحيح أوضاعها بدلًا من إغلاق نشاطها نهائيًا.
رغم التحديات التي واجهها القطاع السياحي في الأردن نتيجة الأزمات الإقليمية، إلا أن التوجه نحو تعزيز السياحة الداخلية والسياحة العلاجية والتعليمية قد ساعد في التخفيف من حدة الأضرار. وهذا ما أكدت عليه رؤية التحديث الاقتصادي، فزيادة أعداد الزوار من دول الخليج والمغتربين الأردنيين أظهرت قدرة القطاع على التكيف مع الأوضاع الراهنة. ولكن، يبقى القطاع بحاجة إلى استراتيجيات طويلة المدى تدعم التنوع في مصادر السياحة وتحسن من البنية التحتية والخدمات لجذب المزيد من الزوار الأجانب. وبالتالي، لا تزال السياحة الأردنية قادرة على التعافي والنمو إذا تم التعامل مع التحديات بشكل مدروس.
رئيس قسم الاقتصاد – الجامعة الاردنية
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2025 09:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |