حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,3 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1725

منال شلباية تكتب: البيوت والمتاحف التراثية تعكس الهوية الوطنية للشعوب

منال شلباية تكتب: البيوت والمتاحف التراثية تعكس الهوية الوطنية للشعوب

منال شلباية تكتب: البيوت والمتاحف التراثية تعكس الهوية الوطنية للشعوب

27-02-2025 09:49 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : منال احمد شلباية
يُعتبر التراث جزءًا أساسيًا من هوية الشعوب وثقافتها، حيث يعكس عاداتها وتقاليدها ويُبرز تطورها عبر العصور، وللحفاظ على هذا التراث من الاندثار، تُقام المتاحف والبيوت التراثية التي تجمع بين الأصالة والتاريخ، مما يسهم في توعية الأجيال القادمة بأهمية الماضي وتأثيره على الحاضر والمستقبل.
البيت التراثي ليس مجرد جدران قديمة وسقف متين، بل هو نبض الذكريات وعبق الزمن الجميل. إنه المكان الذي تحكي زواياه عن الأيام الخوالي، حيث كانت الأرواح تجتمع تحت ضوء الفوانيس، تتبادل الحكايات وتنسج الأحلام على بساط من البساطة والعفوية. كل قطعة أثاث، كل نافذة مزخرفة، وكل باب خشبي صامد أمام الزمن، يحمل بين أليافه سرّ الذين مروا من هنا، ضحكاتهم، أحزانهم، وأصوات خطواتهم التي لا تزال تتردد بين جدرانه.
في زوايا البيت التراثي، تختبئ قصص الأجداد، وتفوح رائحة الخشب العتيق ممتزجة بعبق القهوة العربية، وكأن المكان ما زال يحتضن جلسات السمر وأحاديث السهر الطويلة؛ هناك حيث السقف الخشبي المزخرف يعانق ضوء الشمس المتسلل عبر النوافذ الصغيرة، تشعر أنك بين أحضان الدفء والطمأنينة، كأنك عدت إلى حضن أمك الأولى، حيث لا شيء سوى الحنين والأصالة.
أما المتحف التراثي، فهو القلب الذي ينبض بتاريخ الأجداد، مستودع للحنين وحارس للهوية حين تخطو إليه، تشعر وكأنك تعود بالزمن إلى الوراء، إلى عالم كان فيه كل شيء نابضًا بالحياة رغم بساطته. الملابس المطرزة، الأدوات القديمة، الصور الباهتة، كلها همسات من الماضي تخبرك أن الجمال كان يومًا هنا، وأن الأصالة لا تموت بل تتجدد في أعين من يقدّرها.
إنه ليس مجرد مكان، بل هو روح تسكن بيننا، تذكّرنا بأننا امتداد لأولئك الذين مضوا، وبأن الماضي وإن ابتعد، يظل حيًا في قلوب من يعشقونه؛ فهو دفتر ذكريات مفتوح، تقرأ فيه فصولًا من حياة لم تعشها ولكنك تشعر بها بكل جوارحك. كل قطعة فيه ليست مجرد أداة صامتة، بل هي شاهد على عصر مضى، يدعوك لتتأمل تفاصيله وتسمع أصداءه؛ حين تلمس نسيج ثوب تقليدي أو تمرر يديك على نقش يدوي محفور في الخشب، كأنك تصافح يد صانعها الذي رحل، لكنه ترك بصمته خالدة.
في هذه الأماكن، يتجسد الزمن في هيئة تحف وألوان ورائحة تراب قديم، فتدرك أن الماضي ليس مجرد تاريخ يُروى، بل هو حياة نابضة تتجدد مع كل زائر، مع كل عين تلمح الجمال في بساطته، ومع كل قلب يخفق حبًا لجذوره. إنها أماكن لا تزورها فقط، بل تعيشها، وتحمل منها جزءًا في قلبك لا يزول.
وتقبع العديد من المؤسسات التي تعنى بالثقافة والتراث على تجديد البيوت القديمة لتكون متحفا او بيتا تراثيا كمشروع ثقافي مهما يساهم في حفظ الهوية الوطنية وتعزيز الوعي بالتراث الشعبي الامر الذي يعمل على إنشاء مساحة ثقافية تعرض العناصر التراثية التقليدية، سواء كانت متعلقة بالحياة اليومية، الحرف اليدوية، الأزياء التقليدية، أو العادات الاجتماعية.
والاهتمام بهذا التراث الجميل يحمل في طياته مشروعا راسخا في ترميم مبنى قديم ليحافظ على طابعه الأصلي، أو يمكن تصميمه بأسلوب مستوحى من العمارة التراثية في المنطقة ويتم فيه إضافة اقسام متعددة.
وهذه الأقسام تكون منها القسم المعماري الذي يعرض نماذج للعمارة التقليدية، مثل الأبواب الخشبية المنحوتة، الشبابيك المزخرفة، والمجالس التقليدية، ومجسمات لمنازل وأسواق قديمة تعكس نمط البناء التراثي.
وهنالك قسم الأزياء التقليدية، الذي يتم فيه عرض للملابس التقليدية الخاصة بالمناطق المختلفة تقديم عرض معلومات سواء مكتوبة او وجاهية عن تطور الأزياء عبر الزمن فضلا عن الإكسسوار والمجوهرات التقليدية.
وقسما للحرف والصناعات اليدوية ويتم فيها عرض اعمال الخزف والفخار والحجر البازلتي القديم وكذلك مشغولات يدوية ومطرزات وصناعة السلال وغيرها مثل قسم الأدوات المنزلية القديمة من أدوات الطهي التقليدية مثل الاواني الفخارية والنحاسية وأدوات الإضاءة القديمة مثل الفوانيس والمشاعل.
وكذلك قسم الفنون والموسيقى يتم فيه عرض الآلات الموسيقية التقليدية مثل الربابة، العود، والناي وتسجيلات صوتية وأفلام وثائقية تعرض الفنون الشعبية والأهازيج التراثية.
ولقسم الزراعة وأدواته فهنالك يتم فيه عرض أدوات الزراعة التقليدية مثل المحراث الخشبي وتقديم مجسمات توضح أساليب الري القديمة وأنواع المحاصيل التراثية.
وأخيرا قسم العادات والتقاليد يعرض فيه الية المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزواج، الأعياد، والمهرجانات الشعبية؛ وعرض قصص وحكايات شعبية تروي تراث المجتمع تكون مكتوبة او من خلال تسجيلات من قبل اشخاص صاحبوا هذه الحكايات وتوارثها الأجيال.
ويضم المتحف أنشطة مصاحبة ومهمة من خلال إقامة ورش عمل تعليمية لتعليم الحرف اليدوية، وكل فترة يتم إقامة عروضا حيا للحرفين وهم يصنعون المشغولات التقليدية وتنظيم فعاليات ثقافية مثل الأمسيات الشعرية والموسيقية التراثية، وتقديم أطعمة شعبية من المطبخ التقليدي للزوار.
ان إنشاء متحف تراثي أو بيت تراثي يعد مشروعًا ثقافيًا مهمًا يساهم في حفظ الهوية الوطنية وتعزيز الوعي بالتراث الشعبي، من خلال عرض القطع الأثرية والتفاعل مع الزوار عبر الأنشطة التعليمية والتثقيفية، يمكن أن يكون هذا المتحف مصدر إلهام للأجيال القادمة ويعزز الاهتمام بالحفاظ على التراث.











طباعة
  • المشاهدات: 1725
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-02-2025 09:49 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم