27-02-2025 10:02 AM
بقلم : د. محمود ابو عويضة
تشكل الانتخابات الألمانية الأخيرة تحولًا سياسيًا مهمًا، حيث أفضت إلى صعود التحالف المحافظ بقيادة فريدريش ميرتس، وهو ما يثير تساؤلات حول تداعياته المحتملة على الشراكة الأردنية-الألمانية، خصوصًا فيما يتعلق بالمساعدات التنموية والدعم الإنساني. تعد ألمانيا من أبرز المانحين الدوليين للأردن، إذ قدمت دعمًا جوهريًا في مجالات اللاجئين، البنية التحتية، والتعليم، وفقًا لتقارير وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية (BMZ). ومع ذلك، فإن أي تغيير في النهج السياسي للحكومة الألمانية الجديدة قد يؤدي إلى إعادة تقييم أولويات المساعدات الخارجية، مما قد يؤثر على مستوى الدعم المقدم للأردن.
يُعد ملف اللاجئين أحد المحاور الرئيسة في التعاون الأردني-الألماني، حيث تعتمد المملكة على دعم ألمانيا لتمويل المشاريع الإنسانية والتعليمية والصحية الخاصة باللاجئين السوريين، استنادًا إلى بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). إلا أن التصريحات السابقة لبعض قيادات التحالف المحافظ تعكس توجّهًا نحو تبني سياسة أكثر تحفظًا فيما يتعلق بملفات الهجرة واللجوء، مما قد يؤثر على حجم التمويل المخصص لهذا القطاع. إلى جانب ذلك، تساهم ألمانيا بفاعلية في تمويل مشاريع المياه والطاقة في الأردن، ومن ضمنها مشاريع تحلية المياه والطاقة المتجددة التي تعد ضرورية لمواجهة تحديات الأمن المائي في المملكة. أي تخفيض في هذه المساعدات قد يزيد من الأعباء الاقتصادية على الأردن، خصوصًا مع تزايد الطلب على الموارد نتيجة التغيرات المناخية والتوسع السكاني.
لمواجهة هذه التحديات، يتوجب على الأردن اتباع نهج دبلوماسي استباقي يهدف إلى الحفاظ على استمرارية الدعم الألماني. يمكن تحقيق ذلك من خلال تكثيف الاتصالات مع صناع القرار في برلين، وإبراز أهمية المساعدات الألمانية في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وهو ما يتماشى مع المصالح الأوروبية في الشرق الأوسط. كما يمكن للأردن إعادة التفاوض بشأن طبيعة المساعدات المقدمة، بحيث يتم التركيز على تحويل جزء أكبر من الدعم نحو مشاريع تنموية طويلة الأمد تضمن استدامة التعاون بين البلدين. علاوة على ذلك، يمكن للأردن تعزيز دوره ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي عبر تكوين تحالفات دبلوماسية تسعى لإبقاء المساعدات الألمانية كأولوية ضمن سياسات التنمية الأوروبية.
إلى جانب الجهود الدبلوماسية، يمكن للأردن استكشاف آفاق جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع ألمانيا من خلال تشجيع الاستثمارات المشتركة، خاصة في القطاعات التي تحظى باهتمام ألماني مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة. الاستثمار في هذه المجالات قد يسهم في تقليل الاعتماد على المساعدات الحكومية المباشرة، وتحقيق شراكة اقتصادية أكثر توازناً. إضافة إلى ذلك، يمكن للأردن العمل على تعزيز صورته كدولة محورية في تحقيق الاستقرار الإقليمي، مما قد يدفع ألمانيا للحفاظ على مستويات دعمها لضمان تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين.
في المجمل، لا تمثل الانتخابات الألمانية تهديدًا مباشرًا للعلاقات الأردنية-الألمانية، لكنها تفرض تحديات تستوجب استجابة سياسية واقتصادية فعالة من الجانب الأردني. عبر تبني مقاربة دبلوماسية نشطة، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وإعادة توجيه المساعدات نحو مشاريع مستدامة، يمكن للأردن ضمان استمرارية الدعم الألماني بما يتماشى مع مصالحه الاستراتيجية على المدى البعيد. بقلم الدكتور محمود عبدالكريم ابوعويضة عضو مجلس محافظة المفرق دكتور العلوم السياسية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2025 10:02 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |