02-03-2025 10:09 AM
بقلم : مكرم أحمد الطراونة
القمة العربية الاستثنائية التي ستلتئم في القاهرة بعد غد الثلاثاء، ستكون استثنائية بالفعل، فهي ستحدد الوجهة التي ستتخذها القضية الفلسطينية، كما ستؤطر الحدود التي يمكن للبلدان العربية التحرك فيها في ظل إدارة أميركية تعمل على تغيير النظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.
بحث الوضع في قطاع غزة يستدعي جملة من الموضوعات المرتبطة، والتي ينبغي عدم فصلها عن بعضها بعضا، خلافا لما تريده تل أبيب وواشنطن من الرغبة في أن تتعامل مع تلك القضايا بـ"القطعة"، فمشكلة غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، وتدفق المساعدات الإنسانية، وإنهاء الحرب بكاملها، ينبغي أن تكون في صميم بحث وضع الضفة الغربية والقدس المحتلة، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، بما فيها الاقتحامات ومصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان، وصولا إلى حل نهائي يلبي آمال الفلسطينيين.
هناك اتفاق عربي بعدم السماح بتهجير سكان غزة، وقطع الطريق أمام حكومة الاحتلال لمزيد من التصعيد في الضفة قد يفضي إلى وضع مشابه لما هو عليه الحال في القطاع، وقد يفتح الباب أمام موجة تهجير تتمناها حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، وتعمل على تحقيقها. القمة العربية ينبغي لها أن تنطلق من جمع أطراف الملف الفلسطيني بكامل عناصره، وأن تحمي وجود الفلسطيني فوق أرضه، وتمكينه من الثبات والصمود.
المقاربة الأردنية للقضية الفلسطينية عبر بوابة غزة، تنطلق من هذه الرؤية الشاملة، فهي تضع في اعتبارها أن الأولوية اليوم هي الوصول إلى إنهاء كامل للعدوان، يرتب لعملية شاملة لإعادة إعمار القطاع المدمر، والذي يحتاج جهودا وموارد ضخمة.
الخطوة الثانية تكون بربط غزة بإدارة السلطة الفلسطينية، بحيث يرتبط القطاع مرة أخرى بالضفة الغربية، ويكون تحت إدارة واحدة، ما يتطلب إنجاز المصالحة وفق أسس وطنية، وترميم العلاقة الفلسطينية الفلسطينية، وقطع الطريق أمام كل محاولات "الاستثمار" في حالة الانقسام.
لكن ذلك يتطلب، وقبل كل شيء، عملية إصلاح شاملة للسلطة الفلسطينية التي توجه إليها اليوم العديد من الانتقادات، وصولا إلى القول بأنها لم تعد تمثل الفلسطينيين، بل أصبحت تدير شؤونها وشؤون النخبة المرتبطة بها.
إصلاح السلطة ينبغي ألا يكون شكليا، بل وفق أسس واضحة، يتم خلالها فرز قيادات شعبية حقيقية، وتحديد قيادات الصف الثاني والثالث، لكي تستعيد الثقة بعد سنوات طويلة من الصورة المهزوزة التي بدت عليها أمام دول العالم، ولعل إصلاحا كهذا سيكون قادرا على منح دفعة قوية للموقف الأردني والمصري والعربي.
في المقاربة الأردنية ثمة نقطة رابعة مهمة، وهي الترتيبات الأمنية في غزة، فالمبدأ الأردني القاطع يقول برفض أي تواجد لقوات عربية في القطاع، فالأردن لا يريد أن يرى استبدالا لقوات عربية مكان قوات الاحتلال، ولا يريد أن يتورط العرب في معضلات صنعها الاحتلال، لذلك ينبغي أن تتولى الأمم المتحدة هذا الدور، وأن ترتب هي طبيعة هذه القوات، على أن تكون من خارج الدول العربية.
نقاش مصير قادة حماس وسلاح الحركة، ينبغي أن يتم داخل البيت الفلسطيني في البداية، من أجل أن يكون هناك توافق كامل على أي قرار يتم الوصول إليه. هناك العديد من الأفكار التي يمكن نقاشها في هذا السياق، ولكن الأهم في هذا الأمر هو أن يتم تمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة سلطاتها وصلاحياتها داخل القطاع، وفق منظور الدولة لا الفصائل، وألا تكون هناك ازدواجية في السلاح يمكن أن تؤدي إلى وضع مشابه لما حصل في العام 2007.
إذا ما تم تطبيق النقاط الأربع السابقة بنجاح، تأتي الخامسة، وهي الأهم على صعيد تقرير المصير، إذ ينبغي العمل حينها على إيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام وفق حل الدولتين، بحيث تقام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس المحتلة.
هذه هي الرؤية الأردنية التي يمكن تبنيها في اجتماع القمة المرتقب، والعمل على بنودها بحيث تستوفي جميع شروط التطبيق، شريطة أن يكون تبنيها وفق خطة عربية محكمة ومنطقية، وتمتلك جميع الإجابات عن الأسئلة المطروحة والمتوقعة، من أجل عدم منح حكومة الاحتلال أي مبرر للطعن فيها.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-03-2025 10:09 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |