بقلم : د. محمود ابو عويضة
تُشكّل زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى الأردن محطة هامة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين ليس فقط من منظور معالجة القضايا الراهنة بل أيضًا من زاوية استشراف المصالح الأردنية المستقبلية ففي ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة يسعى الأردن إلى تعزيز موقعه الاستراتيجي والاستفادة من التحولات السياسية والاقتصادية التي قد تفرزها هذه الزيارة

حيث أن تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي يُعد من أبرز الأولويات الأردنية بحيث شكّلت الحدود الأردنية السورية مصدر قلق أمني بسبب تصاعد عمليات تهريب المخدرات والأسلحة لذلك فإن تعزيز التعاون الأمني مع الحكومة السورية الانتقالية يمكن أن يساهم في ضبط الحدود بشكل أكثر فاعلية مما يعزز الاستقرار الداخلي ويحمي المصالح الأردنية على المدى البعيد كما أن التعاون في ملف مكافحة الإرهاب سيحدّ من المخاطر المحتملة خاصة في ظل الانسحاب التدريجي للقوات الأجنبية من سوريا مما قد يترك فراغات أمنية تحتاج إلى تنسيق إقليمي فعال

أما على المستوى الاقتصادي فإن إعادة تنشيط العلاقات التجارية بين البلدين يُعد من المصالح الحيوية للأردن حيث تُعد سوريا بوابة أساسية نحو الأسواق الأوروبية والتركية والعكس صحيح فيما يخص الوصول إلى أسواق الخليج من هنا فإن أي اتفاقات مستقبلية تتعلق بفتح المعابر وتسهيل الحركة التجارية ستصب في مصلحة الاقتصاد الأردني خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها كما أن مشاركة الشركات الأردنية في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا تمثل فرصة استثمارية كبيرة تتيح فرصًا جديدة للقطاع الخاص الأردني

وفيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين فإن الأردن يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ ما يشكّل ضغطًا كبيرًا على موارده وبنيته التحتية لذلك فإن أي تفاهمات تضمن عودة آمنة وطوعية للاجئين ستخفف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية كما أن تعزيز الاستقرار في سوريا قد يسمح بإقامة مشاريع تنموية مشتركة على الحدود توفر فرص عمل للاجئين العائدين وللمجتمعات الأردنية المضيفة

على الصعيد السياسي تسهم هذه الزيارة في تعزيز الدور الإقليمي للأردن حيث لطالما لعبت عمان دورًا دبلوماسيًا متوازنًا في القضايا الإقليمية وعودة العلاقات الأردنية السورية إلى مسارها الطبيعي يمكن أن تعزز مكانة الأردن كلاعب إقليمي محوري في أي تسويات مستقبلية تخص الأزمة السورية كما أن التنسيق بين الطرفين قد ينعكس إيجابًا على علاقات الأردن مع القوى الكبرى الفاعلة في المنطقة مثل الولايات المتحدة وروسيا اللتين تتابعان تطورات الملف السوري عن كثب

تشير زيارة أحمد الشرع إلى الأردن إلى مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين قد تكون لها انعكاسات إيجابية على المصالح الأردنية في المستقبل من ضبط الحدود إلى تفعيل التجارة ومعالجة ملف اللاجئين وتعزيز الدور السياسي يبدو أن هذه الزيارة تمثل فرصة للأردن لتعزيز استقراره الداخلي ومكانته الإقليمية ومع استمرار التحولات السياسية في سوريا فإن الحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة مع الحكومة السورية الانتقالية سيضمن للأردن موقعًا فاعلًا في أي ترتيبات مستقبلية تخص المنطقة