حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,3 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1272

د. ليث القهيوي يكتب: الأردن في قلب العاصفة: إستراتيجية التوازن وسط الأزمات الإقليمية

د. ليث القهيوي يكتب: الأردن في قلب العاصفة: إستراتيجية التوازن وسط الأزمات الإقليمية

د. ليث القهيوي يكتب: الأردن في قلب العاصفة: إستراتيجية التوازن وسط الأزمات الإقليمية

03-03-2025 10:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ليث عبدالله القهيوي
يعيش الأردن وسط منطقة تعصف بها الأزمات المتلاحقة، من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي إلى الأزمة السورية، والتوترات الخليجية-الإيرانية، والحروب الممتدة في اليمن والعراق. ورغم تعقيدات المشهد، نجح الأردن في اتباع نهج إستراتيجي يضمن له الاستقرار السياسي والاقتصادي، مستندًا إلى سياسة التوازن والحذر الدبلوماسي، ما يجعله فاعلًا رئيسا في هندسة الترتيبات الإقليمية، حتى وإن لم يكن القوة الأكثر تأثيرًا في قراراتها.


يعتمد النهج الأردني على إستراتيجية قائمة على الواقعية السياسية، حيث تتجنب المملكة الانخراط المباشر في النزاعات، وتوظف موقعها الجغرافي ودورها الإقليمي لتحقيق أقصى استفادة ممكنة دون أن تصبح طرفًا في الصراعات.
فالقضية الفلسطينية تظل ركيزة أساسية في السياسة الأردنية، إذ يتبنى الأردن موقفًا ثابتًا داعمًا لحل الدولتين، مدعومًا بدوره التاريخي كوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
ورغم المتغيرات في المشهد السياسي العربي، خصوصًا بعد موجة التطبيع العربي مع إسرائيل، ما يزال الأردن يسعى للحفاظ على هذا الدور، مدعومًا بعلاقاته الوثيقة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لضمان عدم تهميشه في أي ترتيبات مستقبلية للصراع.


أما على الجبهة الشمالية، فقد كانت الأزمة السورية اختبارًا حقيقيًا للدبلوماسية الأردنية. فمنذ اندلاع الحرب، تبنى الأردن موقفًا حذرًا، متجنبًا الانجرار إلى صراع مباشر، لكنه وجد نفسه أمام تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، أبرزها تدفق اللاجئين، وتهديدات الجماعات المتطرفة، والتدخلات الإقليمية والدولية في الجنوب السوري.
وقد تمكن الأردن من تحقيق توازن دقيق عبر التنسيق الأمني مع القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة وروسيا، لضمان عدم تحول حدوده الشمالية إلى بؤرة صراع جديدة.
واليوم، ومع اتجاه المنطقة نحو ترتيبات سياسية جديدة، يراهن الأردن على دوره كوسيط بين دمشق والمجتمع الدولي، في محاولة لتأمين مصالحه الإستراتيجية وإعادة العلاقات الاقتصادية مع سورية.
في المشهد الخليجي، يبدو الأردن مدركًا لحساسية التوترات بين دول الخليج وإيران. فبينما يرتبط بعلاقات وثيقة مع السعودية والإمارات، فإنه يحرص على عدم الدخول في صدام مباشر مع طهران. هذا التوازن يسمح له بالحفاظ على مصالحه الاقتصادية والأمنية، لا سيما في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية التي تتطلب تعاونًا استخباراتيًا وأمنيًا مستمرًا. ورغم الضغوط المتزايدة لاتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه إيران، يظل الأردن ملتزمًا بسياسة الحياد المدروس، محاولًا تجنب الانجرار إلى سياسة المحاور التي قد تهدد استقراره الداخلي.
على الصعيد الاقتصادي، يعاني الأردن من تداعيات الأزمات الإقليمية، حيث أدى انقطاع الطرق التجارية مع سورية والعراق لفترات طويلة إلى تراجع النمو الاقتصادي. ومع ذلك، نجحت المملكة في تأمين شراكات اقتصادية جديدة، خصوصًا مع العراق، من خلال اتفاقيات إستراتيجية في مجالات الطاقة والتجارة، كما يمثل مشروع الربط الكهربائي بين الأردن ومصر والعراق خطوة مهمة نحو تعزيز مكانته كمركز إقليمي للطاقة.
أما فيما يتعلق بمستقبل السياسة الأردنية في ظل التحولات الإقليمية، فإن التحديات المقبلة تتطلب إعادة صياغة الأولويات الإستراتيجية، فمن جهة، سيكون على الأردن تعزيز استقلاله الاقتصادي لتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية التي غالبًا ما تكون مشروطة بتوجهات سياسية، ومن جهة أخرى يتعين عليه التكيف مع التغيرات في موازين القوى الإقليمية، سواء من خلال توثيق العلاقات مع القوى الصاعدة مثل الصين وروسيا، أو من خلال توسيع تحالفاته في المنطقة لمواجهة التحديات الأمنية.
على الرغم من الضغوط الإقليمية، يبقى الأردن نموذجًا فريدًا للدولة التي تتعامل مع محيطها بحكمة ودبلوماسية. قدرته على التكيف مع الأوضاع المتغيرة، مع الحفاظ على استقراره الداخلي، تعكس نجاح نهجه القائم على التوازن الإستراتيجي. ومع استمرار الأزمات في المنطقة، سيظل الأردن لاعبًا رئيسا في المعادلة الإقليمية، لكنه سيكون بحاجة إلى إستراتيجيات أكثر ديناميكية لضمان بقائه في قلب المشهد السياسي، دون أن يتحول إلى ساحة صراع جديد.











طباعة
  • المشاهدات: 1272
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-03-2025 10:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة رغم مواصلة نتنياهو وترامب تهديد حماس باستئناف الحرب والتهجير؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم