حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,30 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4667

"ذكريات رمضان في الغربة: من ماليزيا إلى الوطن"

"ذكريات رمضان في الغربة: من ماليزيا إلى الوطن"

"ذكريات رمضان في الغربة: من ماليزيا إلى الوطن"

03-03-2025 07:23 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. محمد عبدالكريم الزيود
صمتُ رمضان مرتين في ماليزيا أثناء دراستي هناك ، ربما لا تشعر بقيمة العائلة ودفئها إلا عندما تفطر بعيدا وحيدا… في جامعتي هناك بالقرب من الحدود التايلندية أقام باني ماليزيا الحديثة محمد مهاتير جامعة حكومية في غابة " سنتك" ، التي أخذت اسمها من النهر الذي يمرّ من وسطها ، وأسماها جامعة اوتارا أي جامعة الشمال ..

أذهب قبل الآذان إلى مطعم "زبيدة" في الجامعة ، أشتري طبقا من الأرز الماليزي الأبيض المطهو بالماء والأعشاب ، وقطعة من الدجاج التندوري وخبز النان ، وصحن العدس الحار مع شرائح البصل والليمون .. وأحيانا أضيف قليلا من الباميا النصف ناضجة ، أحاول أن أجد شهية لطعام لا يشبهنا .. أذكرُ كان من روّاد المطعم طلابا هنود وصينيون ، وغير صائمين ، جاؤوا يتناولوا العشاء ، رأيتهم يشتروا أطباقهم ولا تمتد أياديهم إلا بعد آذان المغرب ، إحتراما لبقية الطلبة المسلمين هنا ..

يرفع الآذان من مسجد " السلطان بدلي شاه" في الجامعة ، يأتي بعض الطلبة ويحضرون إفطارهم لتناوله في ردهاته ، ما زالت هذه العادة موجودة في ماليزيا حيث تفطر العائلات في ساحات المساجد.
وفي صلاة التراويح يهرع الجميع إليها ، ويقسم نصف صحن المسجد في الصفوف الخلفية لصلاة النساء وأطفالهن الصغار ، وهنّ يلبسن الأبيض من القماش ، ولم أرَ أو أسمع أن أحدا أزعجهن أو تطاول عليهن.
كان فرق الساعات بيني وبين بلادنا تفوق الخمسة ساعات ، أتناول إفطاري وحيدا وعلى عجل ، ليس هناك دفئا للعائلة أو أطباقا متعددة ، أدركت يومها قيمة العائلة وقيمة من يغيب عن المائدة ، غصة هنا وغصة هناك ، وعندما يسألونني : كيف إفطارك اليوم ، أقول : الحمدلله بخير ، وأنا لست بخير ..!!


أعود لغرفتي في سكن "Proton" ، كان لي جارٌ مقابل غرفتي طالب من نيجيريا ، كنت أرقبه بعد العصر ينصب طنجرته على صوبة كهربائية ويضع فيها أعشابا وخضارا ولحما ، لا أستسيغ الرائحة .. يدعوني للإفطار فأعتذر منه وشاكرا .. أعود لغرفتي وحيدا ، أصنع شايا ، أتذكر أني لا أحب الشاي بالقرفة عندما كنت في بيتنا ، لكنني كنت أذهب وأشتري أعواد القرفة ربما لأني أشتاق لبيتنا ولعادات رمضان هناك ، أضعها في الإبريق الكهربائي وأجعلها تغلي، ثم أضيف الشاي حتى ينقلب إلى اللون الأحمر ، علّه يسد شيئا من الشوق..!
رمضان في الغربة يبدو مختلفا ، والأمر ليس متعلق بالأكل والشرب ، ولكن هناك تفتقد لرائحة رمضان بلادنا ، ثمة أشياء لا تغادرنا ، وثمة ذكريات تحمل معها قسوة الأيام ، عشناها وتجاوزناها بمن ساندونا وقتها، أما ماليزيا والجامعة فقد تعلمنا منهم الكثير.








طباعة
  • المشاهدات: 4667
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-03-2025 07:23 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم