حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,4 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 993

د.عاصم منصور يكتب: ترامب يواجه "فوضى الجندر": إعادة صياغة المصطلحات الطبية

د.عاصم منصور يكتب: ترامب يواجه "فوضى الجندر": إعادة صياغة المصطلحات الطبية

د.عاصم منصور يكتب: ترامب يواجه "فوضى الجندر": إعادة صياغة المصطلحات الطبية

04-03-2025 10:03 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عاصم منصور
شهد الخطاب الطبي في السنوات الأخيرة تغييرات جذرية في المصطلحات المستخدمة لوصف الفئات المختلفة من المرضى، فقد بدأنا نقرأ مصطلحات غريبة مثل «الأشخاص الذين يحيضون و»الأفراد الحوامل» عوضا عن حصرها بالنساء، لتشمل الأشخاص المتحولين جنسيًّا والأشخاص غير محددي الجنس. هذه التغييرات لم تكن مجرد تعديلات لغوية، بل أصبحت شِبه إلزامية في الوثائق الطبية والأبحاث العلمية، حيث بات من الصعب نشر أي دراسة لا تلتزم بهذه القواعد الجديدة. وقد برَّر مُؤيدو هذه التوجهات بأنها خطوة نحو جعل الرعاية الصحية أكثر شُمولاً وإنصافاً، معتبرين أن اللُّغة التقليدية قد تهمّش فئات معينة من المرضى وتُعيق حُصولَهم على الرّعاية المُناسبة.


لكن مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ أصبحت هذه اللُّغة في مرمى سياساته الجديدة، التي تسعى لإعادة تعريف المصطلحات الطبية بناءً على الجنس البيولوجي فقط. فقد أصدر ترامب سِلسلة من الأوامر التنفيذية التي تُعيد صياغة مفهوم الجنس في الوثائق الحكومية والسياسات الصحية، معتمداً على تعريفات بيولوجية صارمة، في خطوة وصفها مؤيدوه بأنها «تصحيح للمسار» بعد ما اعتبروه «فوضى لغوية» في السنوات الأخيرة.

أحد أبرز هذه الأوامر كان التوجيه الصادر مُؤخراً إلى مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، والذي يطالب بِحذف المصطلحات المتعلقة بالجندر من الأوراق العلمية والمستندات الرسمية. وبدلاً من استخدام مصطلحات مثل «الهوية الجندرية» أو الأشخاص «غير الثنائيين»، يتم الآن اعتماد لغة تعتمد حصرياً على الجنس البيولوجي. كما تم حذْف صفحات كاملة من المواقع الرَّسمية للمؤسسات الصحية كانت مُخصصة لموضوعات الجندر، مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط العلمية والطبية.


هذه التّغييرات أثارت موجة من الانتقادات من قبل مؤيدي التنوع الجندري، الذين وصفوا القرار بأنه «صادم» ويهدد التقدم العلمي في مجالات الصحة العامة والطب النفسي. فهم يرون أن فهم التنوع الجندري ضروري لتحسين الرعاية الصحية وتقليل الفجوات الصحية بين الفئات المختلفة. كما حذَّروا من أن هذه السياسات قد تُؤدي إلى تهميش فئات معينة من المرضى، مثل المتحولين جنسيًّا، الذين قد يشعرون بعدم الترحيب في النظام الصحي.
من جهة أخرى، يواجه الباحثون الآن تحديات كبيرة، حيث يتعين عليهم تعديل دراساتهم لِتتوافق مع السياسات الجديدة، مما قد يعرض أبحاثهم للرفض إذا ما وقعت بين يدي محررين أو مقيمين من أنصار التيار الليبرالي. هذا الوضع قد يضع الباحثين في مأْزق بين الالتزام بالسياسات الجديدة أو المخاطرة بمستقبل أبحاثهم.
على الجانب الآخر، يرى مُؤيدو سياسات ترامب أن العودة إلى لُغة تعتمد على الجنس البيولوجي تعيد الوضوح والموضوعية إلى الخطاب الطبي، فالمصطلحات الجديدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة أدت إلى «فوضى لغوية» في المجال الطبي، حيث أصبح من المعتاد ظهور تصنيفات جنسية جديدة بشكل مستمر، مما أربك الأطباء والباحثين وأثار تساؤلات حول مدى تأثير هذه التَّغييرات على جودة الرِّعاية الصحية؛ لذلك تأتي هذه السّياسات ليس لمجرد تصحيح المسار؛ بل استجابة لمخاوف شريحة واسعة من المجتمع الأميركي التي شعرت بأن التركيز المُفرط على قضايا الهوية الجندرية قد تجاوز الحدود وأصبح يهدّد القِيم التقليدية والهوية الثقافية للبلاد.


يعكس هذا الجدل انقسامًا أوسع في المجتمع الأميركي حول قضايا الهوّية والتّقاليد، ويرى البعض أن أحد أسباب خسارة الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة كان تطرفهم في موضوع الهويَّة الجندرية، حيث اعتبره العديد من الناخبين تهديدًا مباشرًا للقيم العائلية والمبادئ التي تأسّست عليها الولايات المتحدة. وبينما تستمر هذه السّياسات في إثارة الجدل، يبقى السُّؤال قائمًا: هل ستُعيد هذه التغييرات الوُضوح والاستقرار إلى الخِطاب الطّبي، أم أنها ستفتح الباب أمام انقسامات أعمق؟








طباعة
  • المشاهدات: 993
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
04-03-2025 10:03 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم