04-03-2025 10:17 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
إن لقاء زيلنسكي، وتصريحاته اللاحقة التي يبحث من خلالها عن «إصلاح» العلاقة مع ترامب، تفسر اختلاف المشهد بين قائد حكيم، ورجل سياسي، فالملك عبدالله الثاني أدار اللقاء مع ترامب بذكاء، وعرف كيف يجنب بلاده أي توتر غير مطلوب في علاقاته مع دولة عظمى، وكسياسي قاد المشهد وكان مدركا أن قضية فلسطين بحاجة لروافع في عواصم القرار، خاصة في هذه اللحظة، لا حالة انفعالية ندرك نحن العرب تحديدا كم كلفها وخسائرها كانت كبيرة.
وقد جاء لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، وما حملته الصورة، وما تلاها من تصريحات أوكرانية تستجدي تصحيح العلاقة وتصويبها مع واشنطن، ليفسر الكثير، ولتشرح الأحداث اللاحقة، ما سبقها من صورة معاكسة فيها الكثير من تعابير الحكمة والاتزان، والدبلوماسية المدروسة التي لا تميل مع أي ريح، أو تنفعل بطريقة تجر البلاد ومعها القضايا الكبيرة وتحشرها في زوايا يصعب الخروج منها أو إيجاد مقاربة معها.
السياسة هي فن الممكن، والسياسي هو من يستطيع حماية مصالح بلاده، بالأساليب كافة، وأسماها طبعا الحكمة، وبنبل وهدوء، واتزان وشجاعة.
بين المشهدين، مشهد اللقاء الملكي، حيث دخل الملك إلى البيت الأبيض وعناوين التهجير، والدعم لإسرائيل كبيرة وتتصدر تصريحات ترامب، وغادر الملك البيت الأبيض والعناوين بعده تتأرجح، والأفكار حول التهجير تتراجع من قرارات إلى أفكار فقط، ووجه ترامب شكره للأردن وقيادته، هذا تعبير عن سياسي حكيم، يؤثر ولا تتأثر مبادئه.
في الحقيقة ومنذ لقاء الملك عبدالله الثاني مع ترامب، وحتى اللحظة، والأحداث وحدها تشرح حكمة الملك، وتفسر الكثير عن الحكمة الهاشمية، التي أثبتت أن للحكم والقيادة مدارسها الراسخة.
ومن أراد الاستزادة فليتأمل المشهد مع زيلنسكي وكيف انتهى الأمر إلى بحثه عن مقاربة، فحتى حلفاؤه، على نفوذهم يطلبون منه إصلاح العلاقة مع ترامب وأجنحة إداراته، وبغض النظر عن موقفنا من قضيته، وبحياد تام، فقضية أوكرانيا اليوم تتأرجح فلا كسب استمرارية دعم أميركا ولا هو قادر على كسبها.
بينما قضيتنا في المنطقة، والحديث عن التهجير، وما سبق من تصريحات، وبعد اللقاء الملكي باتت تكسب أكثر إذ نجح الملك عبدالله الثاني، وبهدوء وعبقرية سياسية، نجح في إزالة الصاعق الذي أرادت إدارة ترمب تنفيذه، وحين نتحدث عن كواليس السياسة في أميركا فنحن نتحدث عن أجنحة ونفوذ ولوبيات تختلط فيها السياسة بالمال، وعن مشهد معقد تفكيكه وفهمه، والتأثير فيه أمر ليس بالهين، والصورة في زمن ترمب والمشهد يشرح الكثير.
لقد وضع لقاء الملك عبدالله الثاني، وفي لحظة حاسمة من تاريخ المنطقة، الأوراق على الطاولة، وأعاد في المكتب البيضاوي ترتيب الأوراق لتتفق وصالح القضية الفلسطينية، وهيأ بحكمة مناخا جديدا، لصالح القضية الفلسطينية، خاصة أن لقاء الملك عبدالله الثاني جاء بعد أيام من زيارة نتنياهو الذي حاول أن يصوغ صورة ومناخا يخدم مآربه، ويبتز العرب جميعا بطروحات التهجير، وأنه هو وحده في المنطقة القادر على التأثير.
ولكن، الحكمة والصراحة الواضحة في لقاء الملك مع ترامب، رتبتا طريقا آخر، نجح الملك عبدالله الثاني، وما زالت نتائج الزيارة والاجتماع مع ترامب تتضح أكثر حين نقارن بين رجل سياسي كسب قضيته، وأكد على مصالح بلاده، وهذه وظيفة السياسي الأولى، وبين آخرين أدخلوا قضايا بلدانهم، في دوامات من الخسران، وبالمزيد من الخسائر، وهذا شأن الآخرين.
ولكن، كأردني وعربي ومسلم، أعتز بموقف الملك عبدالله الثاني، وبحكمته التي تعبر عن بصيرة سياسية ترى كيف يتغير العالم وتتعامل معه انطلاقا من مبادئها، وما يخدم صالح بلدها، وقضايا أمتها، وبأسلوب نجح في كسب احترام العالم، وتذكيره بما يتحدث به عن الحضارة والقيم والأخلاق، وهو أمر مهم حين تكون صاحب قضية نبيلة ومن مدرسة حكم لها إرث ممتد.
فالسياسي الذكي، من يملك الحكمة النابعة من مصالح الناس، ومن يعطي بلاده فرصة لتكون حاضرة بقوة حجتها، لا الدخول في مناكفات لحظية، واستجداءات لاحقة، تضعف البلاد وتضيع مصالح العباد.
من جديد تفسر الأحداث حكمة الملك، وتشرح وحدها عبقرية القيادة، وتحكي عن كيف يكون المبدأ واحداً ولا يتغير مهما كان الثمن لامعاً، والملك في صالح بلدنا ولأجل فلسطين وأهلها وتجنيب المنطقة سيناريوهات مرعبة، تعامل بحكمة، والمحصلة أن الرابح هو من كسب وأثر في سبيل بلاده والمبدأ.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-03-2025 10:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |