08-03-2025 09:15 AM
بقلم : دانا خليل الشلول
تزلزلت مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين بخبر حرق طفل في المرحلة الأساسيّة يبلغ من العمر (11) عاماً داخل مدرسته في منطقة الرصيفة وأثناء الدوام الرسمي على يد شقيقين من زملائه في المدرسة؛ عن طريق سكب مادة قابلة للاشتعال على جسمه وإشعال النيران بجسمه داخل مطبخ المدرسة أثناء بحثه عن مكنسة لتنظيف صفه بناءً على طلب من مدرسه؛ حيث قام الشقيقان اللذان لا يوجد ما يشير لأعمارهما بدقة، بهذا الفعل مع سابق إصرار وتصميم وإدراك لعواقب هذا الفعل الذي وبالتأكيد لن يمر على الضحية مرور الكرام؛ سواء صحيّاً أو نفسياً ومعنوياً، كما أنّه سيكون هناك وبالتأكيد جانب قانوني تشمله هذه القضية للنظر فيها والحكم عليها.
وهنا شاركنا الأخصائي النفسي الدكتور علاء الفروخ ليوضّح لنا البعد النفسي والتأثيرات الناجمة عن تعرّض هذا الطفل لهذا الفعل المتعمد على يد زملائه، وبدأ الفروخ كلامه؛ بأنَّ هذا الطفل معرّض بأن يصبح لديه واحد من أهم الأعراض النفسية؛ فبعد الواقعة مباشرة سينشأ لدى الطفل حالة من الهلع والخوف والترقّب الدائم وعدم شعور بالأمان؛ مما ينتج عنها عدم الراحة وعدم القدرة على النوم، مما ينتج عنه التوتر والاكتئاب؛ أي ما يُسمى بحسب المصطلح الطبي "صدمة نفسية شديدة"، ولكن إذا استمرت هذه الأعراض مع الطفل لأكثر من شهر فيطلق على هذه الحالة طبيّاً "كرب ما بعد الصدمة"؛ ويعد هذا التشخيص هو الأكثر شيوعاً؛ وقد تستمر هنا حالة الترقب والخوف والهلع لدى الطفل لمدة أشهر طويلة بعد الحادثة، بالإضافة لتذكر دائم لهذه الحادثة؛ سواء كان هذا التذكر خلال فترات النهار من خلال أحلام اليقظة التي قد يتعرّض لها الطفل، أو من خلال الكوابيس التي قد تلاحقه خلال نومه لينشأ عنده حالة تجنب للناس من حوله، أو حتى حالة تجنّب للمدرسة ليحمي نفسه من التعرّض لأذى مرة أخرى.
وأكد الفروخ في حديثه أن "كرب ما بعد الصدمة"، هو أحد أبرز ما قد يمر به هذا الطفل بعد تعرّضه لهذه الحادثة المفاجئة، وأضاف الفروخ أنَّ هذا الطفل يحتاج وبكل تأكيد إلى تقييم لحالة النفسية على يد أخصائي ليحدد حالته النفسية بدقة ويقدّم له الرعاية النفسيه التي تحميه من الدخول في حالات نفسية متقدّمة.
أما عن الجانب القانوني؛ فأوضح الخبير القانوني وأستاذ القانون الجنائي الدكتور أشرف الراعي أن أي قضية يكون فيها الجاني أقل من السن القانوني (18) عاماً يُطبق عليه هنا قانون الأحداث، الذي جاء من أجل مراعاة مصالح الطفل الفضلى.
وأضاف د. الراعي "أما في حالة هذه القضية بالتحديد؛ فإذا كان هؤلاء الأطفال الجناة الذين أقدموا على هذا الفعل المجرّم أعمارهم أقل من (12) عاماً؛ فوفقاً لنص المادة 4/ب فإنَّ هؤلاء الأطفال لا يُسألون جزائيّاً على هذا الفعل، ولكن إذا كانت أعمارهم (12) عاماً أو أكثر فسيكون هناك مسائلة جزائيّة وذلك بحسب تكييف الفعل قانوناً، بطريقة معينة يتم من خلالها حساب العقوبة التي تُطبق على الطفل الجاني؛ ففي مثل هذه الحالة تكون الأفعال متأرجحة ويمكن للقانونيين تكييفه والنظر إليه بأكثر من طريقة؛ فقد يكيفه البعض على أنه إيذاء بليغ، وآخرون شروع بالقتل، وهنا يقع على القضاء تحديد تكييف القضية وكيف يُنظر لهذا الفعل والزاويا التي يجب النظر والاستناد إليها مع مراعاة الظروف المحيطة بالقضية.
وفي ذات السياق، شدد د. الراعي أنّه لا بد من توعية أفراد المجتمع والأطفال وأن تطبيق القانون والعقوبات لم يعد اليوم هو الأساس، فتوعية الطفل من خلال الوسائل المختلفة كالحلقات النقاشية غدا لها أهمية كبيرة جداً؛ فالأطفال اليوم يتعرضون لسيطرة كبيرة بسبب تعاملهم مع الوسائل التكنولوجية؛ وبالتالي اختلف مفهوم الطفولة، ولم يعد مفهوم الطفل قبل عشرين عاماً كمفهوم الطفل اليوم، كما طرأت الكثير من التغييرات على هذا المفهوم بسبب التطورات التي جرت في السنوات الأخيرة، والتي أدت بدورها إلى أن يعرف الطفل من خلال المنصات الرقمية والتكنولوجية، ومواقع التواصل الاجتماعي وسائل وأساليب إجرامية قد يطبقها ويؤذي بها من حوله سواء داخل محيط أسرته، أو الحي، أو المدرسة؛ فبالتالي يمكن يُمكن أن يُسبب من حوله أذى قد يستمر معهم لسنوات طويلة.
واستشهد بكلامه على حادثة الرصيفة التي تعرّض فيها الطفل للتعذيب بالحرق وقد يعاني هذا الطفل من آثارها النفسية لسنوات طويلة، وبالتالي تنشأ ضرورة وأهميّة خلق التوعية لأفراد المجتمع ومقدّمي الرعاية، والأطفال لحماية المجتمع والحفاظ على تماسكه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-03-2025 09:15 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |