حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,15 أبريل, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1392

د. ربيع العمور يكتب: القمة العربية الطارئة: فرصة ضائعة ومصير غامض في مواجهة التحديات الكبرى

د. ربيع العمور يكتب: القمة العربية الطارئة: فرصة ضائعة ومصير غامض في مواجهة التحديات الكبرى

د. ربيع العمور يكتب: القمة العربية الطارئة: فرصة ضائعة ومصير غامض في مواجهة التحديات الكبرى

08-03-2025 11:27 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور المحامي ربيع العمور

انعقدت القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 مارس 2025 في وقت حساس للغاية، وهو لحظة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وفي نفس الوقت لحظة اختبار للمواقف العربية تجاه قضايا استراتيجية تهدد الأمن القومي العربي. إلا أن هذه القمة التي كانت تُنتظر منها اتخاذ قرارات حاسمة واجهت العديد من العراقيل والتحديات التي أضعفت من تأثيرها وغيبت فرص تحقيق الأهداف الكبرى التي كانت تأمل الأمة العربية في تحقيقها.

العراقيل التي حددت معالم الضعف في الموقف العربي

1. تآكل وحدة الموقف العربي:

القمة كانت تتويجًا لحالة من الانقسامات العميقة بين الدول العربية، والتي قد تكون هي العامل الأبرز في ضعف تأثيرها. الاعتذارات المفاجئة من تونس والجزائر عن المشاركة في القمة أثارت تساؤلات عن قوة وحدة الموقف العربي. الإعلام الإسرائيلي استغل هذه الفجوة بكامل قوتهم، مُنذرًا بتداعيات هذه الانقسامات التي تفتح المجال أمام إسرائيل لزيادة الضغط على الدول العربية. ضعف التنسيق العربي يثير القلق، ويؤكد أن العالم العربي أصبح عاجزًا عن بلورة موقف واحد أمام التحديات الكبرى.

2. الخلافات الجوهرية حول نزع سلاح حماس:

النقطة الثانية التي خيمت على القمة كانت الخلافات الحادة حول نزع سلاح حماس. بعض الدول اعتبرت أن خطوة نزع السلاح ضرورية لإعادة بناء غزة، بينما رأى آخرون أن هذه الخطوة تمثل إضعافًا للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. هذا التباين في وجهات النظر حول كيفية معالجة الوضع في غزة يعكس التشرذم العربي الذي لا يزال قائماً رغم مرور عقود من النضال العربي المشترك. كان من المتوقع أن تُطرح خطة عملية تُمكن غزة من إعادة البناء في ظل توحيد الصفوف، ولكن لم يُنجز هذا التحدي.

3. غموض المستقبل السياسي لغزة:

أحد الأسئلة الكبرى التي بقيت عالقة في القمة كان حول القيادة السياسية في غزة بعد نهاية الحرب. هل ستظل حماس في السلطة، أم ستتغير موازين القوى هناك؟ هذا الغموض حول مستقبل غزة يعكس الخلافات العربية العميقة، حيث أن القوى الإقليمية المختلفة تتبنى استراتيجيات مختلفة في التعامل مع الوضع السياسي في غزة. وهو ما يُؤكد أننا لا زلنا بعيدين عن تحقيق أي رؤية مشتركة حول المصير الفلسطيني.

التحديات الكبرى التي فرضتها الأحداث الميدانية

1. التوسع الإسرائيلي المستمر:

إسرائيل لا تزال تواصل سياسة التمدّد الاستيطاني في الضفة الغربية، والتهجير القسري في القدس الشرقية، مع تعزيز سيطرتها على جنوب لبنان وسوريا وغزة. في هذه الأثناء، لم يُطرح في القمة إستراتيجية عربية فعالة لوقف هذا التوسع الذي يهدد بتصفية القضية الفلسطينية تمامًا. كان من المفترض أن يكون هناك تحرك عربي موحد للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، خاصة في ظل المواقف الدولية المتواطئة مع إسرائيل، لكن هذا لم يتحقق بشكل ملحوظ.

2. المجازر الإسرائيلية في الضفة الغربية:

المجازر الإسرائيلية في الضفة الغربية تسير بوتيرة متسارعة، حيث تواصل إسرائيل ارتكاب الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين. ورغم إدانات بعض الدول العربية، لم تُترجم هذه الإدانات إلى إجراءات عملية على الأرض. لا يوجد أي ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف المجازر، ويستمر الاحتلال في سفك دماء الأبرياء دون أي عقوبات حقيقية.

3. التحدي الأمريكي في دعم إسرائيل:

أمريكا تواصل دعمها غير المشروط لإسرائيل في محاولاتها لتوسيع مشروع إسرائيل الكبرى في المنطقة. تزامن ذلك مع الحديث عن إستراتيجية أمريكية في المنطقة تتجاهل حقوق الفلسطينيين. القمة العربية لم تتمكن من تشكيل جبهة قوية للضغط على الولايات المتحدة لوقف دعمها لإسرائيل، حيث بقيت الخيارات العربية متفرقة ولا ترقى إلى مستوى التحدي الجاد.

الأهداف التي غابت عن القمة

1. منع تصفية القضية الفلسطينية:

كان من المفترض أن تكون القمة العربية نقطة انطلاق لمشروع فلسطيني موحد على المستوى العربي والدولي، إلا أن هذه القضية بقيت في مؤخرة الأولويات، حيث لم تُطرح خطط عملية لمنع تصفية القضية الفلسطينية، أو لفرض ضغوط حقيقية على الاحتلال الإسرائيلي. كان الأمل في تحرك عربي حاسم للحد من التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، لكن الفجوة العربية كانت أكبر من أن تسمح بذلك.

2. تعزيز حل الدولتين:

حل الدولتين كان أحد الأهداف الرئيسية التي طالما سعت الدول العربية لتحقيقه. ولكن، في ظل التحديات الداخلية والخلافات بين الدول العربية، لم تُطرح أي خطة عملية لمواصلة الضغط على إسرائيل لقبول هذا الحل. تراجع الموقف العربي أمام التحديات الكبيرة جعل من هذا الهدف بعيد المنال.

3. دعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة:

رغم التأكيد على أهمية خطة مصر لإعادة إعمار غزة بمشاركة الشركات العربية والأوروبية، إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة حالت دون تحقيق تقدم ملموس. لم تتمكن القمة من تقديم حلول جذرية، أو اتخاذ خطوات عملية لدعم الجانب الفلسطيني في هذه الأزمة.

الخاتمة: الواقع العربي والإسرائيلي اليوم

بعد القمة العربية الطارئة في القاهرة، يبقى الواقع العربي في حالة من الانقسام والتشرذم، مما يفتح المجال أمام إسرائيل للتمدد والهيمنة على الأرض الفلسطينية. ومع استمرار المجازر الإسرائيلية والضغط الأمريكي، يبدو أن القمة لم تتمكن من الوفاء بتطلعات الشعوب العربية في مواجهة مشروع إسرائيل الكبرى.

إن الموقف العربي اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم، لا سيما في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة. الوقت قد حان لأن تُترجم الكلمات إلى أفعال، وأن يُطرح موقف عربي موحد يُعطي الأولوية للقضية الفلسطينية ويُحبط كل محاولات تصفيتها.











طباعة
  • المشاهدات: 1392
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-03-2025 11:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك، هل واشنطن و "تل أبيب" قادرتان على مواجهة طويلة الأمد مع الحوثيين بعد تهديد الجماعة بمواصلة استهداف "إسرائيل"؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم