بقلم : فارس الحباشنة
في رمضان، الدراما المصرية والعربية تفرغ احشاءها على شاشات التلفزيون.
دراما، فكاهة، وكوميديا، ومسابقات تتنافس لتنال موقعا على خريطة تلفزيونية تربك المشاهدين. ويصاب المشاهد بتخمة توازي تخمة موائد رمضان. الاردنيون في رمضان لا اظنهم يتابعون شاشات التلفزيون المحلية.
في الاعلام تعج المواقع الاخبارية ومنصات في انتاج «بودكاست «، وحوارات ما قبل وبعد ولائم الافطار.. وهي حوارات، تابعت ما تيسر منها.. ثرثرة مكررة.. وهم، نفس الاشخاص صناع ومنتجو الثرثرة والكلام الزائد. ومن يحضرون في كل لقاء او مناسبة عامة، ومن يتفرغون الى « مهنة الثرثرة» . ترى، « الثرثرة» مهنة ووظيفة اجتماعية.. وهي، نعم غير مدرجة على قوائم التصنيفات الاعلامية والاجتماعية.. ولكنها تزدهر، ولحد ان موجها واثيرها يلتقط كل البؤساء والتعساء الخارجين والمغادرين والمطرودين.
ما عثرت على حوار «بودكاست « يستحق المتابعة، ويستحق أن تخسر من وقتك نصف ساعة لمتابعته .. ولاكتشاف اغوار واعماق نفسية وسياسية واجتماعية وورائية لشخصية.
وكل ما سمعت وما عثرت كلام من ثرثرة، وكلام زائد.. ويذكرني في اغنية الفنان اللبناني عاصي الحلاني، وانا مارق ماريت.. وما تدور «مايكروفانات « برامج بودكاست حولهم، نصفهم محدث النطق والكلام والنصف الاخر مستهلك.
«مقدمو البودكاست «، ومع احترامي وتقديري لهم مهنيا وشخصيا، يبدو أنهم يتنافسون على التقليد والتكرار و « الفجاجة»، ويتصورون أن الثرثرة عنصر جذب والالهاء للمتابعين.
على شاشة التلفزيون الاردني، لم يعثر المشاهدون على ما يتابعون..
وامام وزير التربية والتعليم.. طلاب حادثة «مدرسة الرصيفة»، هل ادخلوا الى مختبرات التحليل النفسي والاجتماعي؟ وهل هم ضحايا لشاشات وسويشل ميديا يبتلعها العنف والارهاب وفرض مفهوم « القوة والعنف الشخصي والجماعي» المفرط والفوضوي .
ومن يتابع رامز جلال على شاشة ام بي سي المصرية، يصاب في تخمة وتضخم في العنف وازدراء الاخرين بالعنف والضرب الممتع واللذيذ.
ويشاهد في مسلسل « سيد الناس «صراعا شهوانيا للعنف في المجتمع، البطولات الوهمية، ويصنع من تاجر مخدرات وحرامي ومهرب بطلا شعبيا ، وكيف يتحول العنف الى «عقيدة اجتماعية»، وسرعان ما تنتقل من العالم الافتراضي الى الواقعي. حادثة الرصيفة، علامة لانهيار في البنى الاجتماعية والاخلاقية والتعليمية.. والكل شارك عائلة الضحية احزانها وفاجعتها، ولكن لا أحد سأل ما هو سبب الجريمة البشعة، وماذا يحدث في مدارس الحكومة، وصدمة انهيار جيل واعد؟