13-03-2025 09:14 AM
بقلم : محمد خروب
في وقت يُلوّح فيه مُجرم الحرب/نتنياهو، باستئناف حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع والتعطيش على قطاع غزة، بعدما أمرَ بقطع الماء والكهرباء عن القطاع الفلسطيني المنكوب (والحال لا تختلف في الضفة الغربية المُحتلة), في أجواء كهذه تبرز في المشهد الداخلي الصهيوني مُؤشرات مُتواترة، تشي بأن اليمين الصهيوني بأجنحته المختلفة... استيطانية كاهانية أم حريدية وخصوصاً تلك «المِسيانِيّة»، التي ترى أن إقامة «إسرائيل الكبرى» قد اقتربَ موعدها، على نحو تتوسّل فيه هذه الأجنحة «السيطرة» على جيش العدو، واستخدامه ليس فقط في موا?هة وقمع التيار العلماني (على قِلّة عديده وتأثيره السياسي والميداني)، بل خصوصاً في «ضخِّ» المزيد من المتطرفين اليمينيّين في صفوف جيش الفاشية الصهيونية، وسط تقارير تتحدث عن تزايد أعداد هذه الشرائح، من دُعاة «تطهير» فلسطين التاريخية من أي وجود لسكانها الأصليّين.
حول هذه المشهدية السوداء كتبَ «يوعنا غونين» في صحيفة «هآرتس» أول أمس/الثلاثاء مقالة تحت عنوان: ("سنُسرّع قدوم المسيح": جيش يأتمر بأمر المستوطنين: كلنا خدَم في كنيس سموتريتش) جاء فيها: «دهشة وصدمة... مُستوطِن كبير في الجيش سرّب معلومات سرية للقيادة العليا السياسية لمشروع الاستيطان. حسب التقرير ـ أضافَ غونيت ـ في قناة «كان 11». العميد احتياط إيرز فينر، قائد طاقم التخطيط التنفيذي في قيادة المنطقة الجنوبية، «نقلَ» إلى وزير المالية سموتريتش، معلومات «أمنِيّة» حول خطط عملياتية في قطاع غزة. هذا نشر مهم ومُقلق ـ ل?تَ غونين ـ لكن يصعب القول بأنه مُفاجئ. عملية «خُلد في الكابنت» تابعَ الكاتب ـ هي بالإجمال استمرار مُباشر لـ"التنسيق الوثيق بين الجيش والمستوطنين». وهما كيانان ـ واصلَ غونين ـ تحوّلا إلى جسم واحد مع حدود مطموسة وأهداف مشتركة.
لم يكتفِ «يوعنا غونين» بذلك، بل مضى إلى كشف المزيد من التفاصيل المثيرة، التي تعكس من بين أمور أخرى، مدى وحجم «الاختراق» الأفقي والعامودي، الذي حقّقته أجنحة اليمين الاستيطاني الفاشي الصهيوني في السنوات الأخيرة، لإنجاز أهدافها عبر المؤسسة العسكرية التي قيل فيها عن حق انها/أي إسرائيل «جيش له دولة وليس دولة لها جيش». بل مضى/ غونين إلى القول: بصورته الحالية، الجيش الإسرائيلي لا يُدافع عن المستوطنين فحسب، بل يخضع لأوامرهم ويخدم أيديولوجيتهم. لذلك، يوفر الجنود المعلومات للمستوطنين، التي تساعدهم على تشويش نشاطات ع?لياتية أو التملّص من القانون. ليس صدفة ـ أردفَ غونين ـ أن يُسمي تقرير لـ ِ"نُحطم الصمت» من العام 2016، الذي وصفَ العلاقات بين الطرفين، بالاسم الصحيح «القيادة العليا»، إشارة إلى مَن يُقرر الوضع على الأرض.
تظهَر في التقرير ـ واصلَ الكاتب ـ شهادات كثيرة لجنود، تُظهِر كيف يُشارِك المستوطنون في فرض الحكم العسكري على الفلسطينيين، ويأمرون الجنود ويشاركون في اتخاذ القرارات في الجيش. علاقات القرابة والوصول إلى المعلومات السرية ـ أضافَ غونين ـ يتم استغلالها لتشويش نشاطات إنفاذ القانون، المُوجّهة ضد المستوطنين، مثلاً، في الحالات القليلة التي عمِل فيها الجيش على إحباط الإرهاب اليهودي. ـ تابعَ الكاتب ـ «لا شك أننا عمِلنا لدى المستوطنين»، شَهِد «نقيب» خدَم في منطقة الخليل.
إذا كان ضباط كبار في الجيش ـ أشارَ الكاتب ـ قد سرّبوا مواد لوزير المالية، كي يستخدمها للدفع قُدماً بأجندتهم المُتطرفة المشتركة، فإن الأمر يتعلق بتطور مرغوب فيه. إذا كان الجيش يشكل الذراع العسكرية لحركة الاستيطان، فلماذا ـ تساءلَ غونين ـ لا تتم مُشاركة المعلومات مع الذراع «السياسي» لنفس المخلوق الفرنكنشتايني؟ سموتريتش نفسه ـ أردفَ ـ عزّز هذا الموقف عندما أعلنَ بتفاخر رداً على النشر: (هل تبحثون عن الخُلد؟. ادخلوا إلى كل كنيس في «الصهيونية الدينية» وستجدون العشرات، إذا لم يكن المئات، «من الجنود والضباط بكل ال?ُتب"). في حُلمه، كل جندي في «الصهيونية الدينية» إستطردَ غونين ـ هو عملياً واشٍ مُتحرك، وظيفته «ضخ معلومات سريّة لرؤساء الحركة». جيش كامل من العملاء، الذين يُشرفون على ما يجري حولهم ويتأكّدون، من أنه «يتساوق مع إملاءات الحِزب». ما هذا الجمال. هذا بالضبط ما كُنا بحاجة إليه. ختمَ غونين ساخِراً.
** استدراك:
وصف رئيس الوزراء الكندي/جاستن ترودو (الذي أجبرَه «حزبه» على الاستقالة)، نفسه بـ"أنه صهيوني». جاء ذلك في كلمته امام المنتدى الوطني لـ"مكافحة مُعاداة السامية» في العاصمة/أوتاوا. زاعماً/ترودو، أن هناك «زيادة في مُعاداة السامية» منذ 7 أكتوبر/2023. مُدعِياً أن هذا التطور «ليس طبيعياً». مُضيفاً/ترودو: «لا ينبغي لأحدٍ في كندا أن يخافَ من تسمية نفسه صهيونياً. أنا صهيوني». هتف بحماسة تفيض نفاقاً وتزلّفاً ووقاحة.
هل تذّكرون رئيس الإبادة الصهيوني ("غير اليهودي» كما قال).. غير المأسوف عليه.. جو بايدن؟.
kharroub@jpf.com.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-03-2025 09:14 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |