13-03-2025 09:15 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
إنّ المتابع للدراما العربية اليوم، يجد أنّ الحوار حولها يأخذ مساحةً أكبر من مشاهدتها، وهناك مساحة من الجدل تتناول المحتوى، والدلالات، والشكل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذه الحالة تنسحب على معظم المجتمعات والدول العربية، وبخاصة في موسم عرض الإنتاجات خلال شهر رمضان المبارك.
غير أنّ ما نحتاجه ونحن في صلب هذا النقاش حول الدراما، هو الحديث عن المضمون والرسالة، أكثر من البقاء في فلك العقد التاريخية، والغوص في جدليات تاريخيّة نعرف مسبقا أن لا طائل منها، سوى تكرار ذات النقاشات ونقلها من أروقة مغلقة، إلى فضاءات الحديث العام.
ندرك أنه ونتيجة المنعطفات الحادة التي تمر بها المنطقة اليوم، والشحن المقصود وغير المقصود، فإن منسوب القلق مرتفع، والجدل أيضا، وهو أمر مفهوم.
والحديث عن الدراما واستحضار التاريخي برموزه وعواطفه، بحاجةٍ إلى أن يكون فرصة لحوارٍ أعمق، يتصل بملكة الإبداع، والأدب، والمقدرة على إنتاج نصٍ أدبيٍ جيدٍ يمثل حياة هذه الرموز دون الاستسلام لسحر الصورة، وأن يبقى التأكيد لازما على أن ما نراه ليس غرضه التثقيف التاريخيّ، أو المسلسلات ليست مدارس وجامعات كي تكون هي مصادر رئيسة لتشكيل الوعي، بقدر ما هي محاولات للتنبيه دوما لأهمية الحوار الإيجابي، واستخلاص العبر.
غير أن هذا الجدل السنوي، ومحاولة استحضار الماضي عبر المسلسلات لرموز هي محل جدل، يؤكد من جديد على أهمية وخطورة التاريخ، كجهاز معرفة وماض متخيل، وزاد معرفة المجتمعات والشعوب.
وما نشهده من جدل اليوم حول شخصية محورية في تاريخنا مثل معاوية بن أبي سفيان، أذكر أننا شهدنا مثله مع مسلسلات سابقة، تحاول أن ترسم صورة نمطية، في أغلب حالاتها بعيدة عن الواقع التاريخي.
فالتاريخ ليس ما نود، وهو ليس أحلاماً نراها ونقاربها مع الواقع، بقدر ما هو علم له أصوله، ولكن المفارقة مع مجتمعاتنا العربية وهي ذات الطبيعة الماضوية، أن معظم تياراتها ترى بأن كل ما يأتي من الماضي مقدس.
إن النقاش إن بقي في سبيل البحث عن الحقيقة، وإن كانت الغاية من الدراما سليمة، تحاول تحريك الركود وإزالة الأمية التاريخية فلا ضير بهذا، ولكن إن كان الهدف هو صنع مقاربات وخلافات وحالات شحن، فإن الرسالة يشوبها خلل.
وبالمحصلة، ورغم اللحظة الحالية التي نمر بها، فإن النخبة الأكاديمية والمثقفة، إن كان رموزها متصلين بمجتمعاتهم، يقع عليهم عبء الاستفادة من هذا الجدل لتنوير الناس، وإيضاح الغاية من التاريخ كعلم، لا مرويات حبيسة صورة آسرة، وتوجيهه نحو الحاضر بإيجابية، فالدراما لها دورها وأهلها، لكن ماذا عن أدوار النخب والأكاديميين والمثقفين.. هل هي حاضرة!؟ سؤال يجيب عليه المتابعون ممن أثارتهم الدراما!!.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-03-2025 09:15 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |