13-03-2025 10:39 AM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
حالة الإحباط الشعبية المزمنة من مجلس النوّاب حالة قديمة، وهي ليست مرتبطة بأداء النوّاب فقط، بل إنّ عناصر الإحباط نفسها كثيرة، وربما تعتري حتى النائب نفسه.
تبدأ حالة الإحباط أولًا من الناخب الذي يبيع صوته بدنانير قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وهذا مؤشر إلى غياب العدالة الاجتماعية التي تكفل الحقّ بحياةٍ كريمة لجميع المواطنين، بعيدًا عن الاتكّاء على صناديق المعونات، التي عليها تقديم مشاريع إنتاجيةٍ أسرية للأسر الفقيرة بدلًا من المعونات الشهرية التي لا تسد الكفاف، وذلك من خلال برامج تنمية مهارات أفراد الأسرة على عملٍ معين ومساعدتهم على بيع وتسويق المنتج، وتبدأ حالة الإحباط كذلك من الناخب الذي ينتخب لتحقيق غاية، مثل الحصول على وظيفة أو امتيازات معينة، أو حتى إعفاءات طبية، ومن العشيرة التي كان يفترض أن تفرز أفضل ما فيها فصارت تفرز أغنى من فيها، وهذا كلّه أدّى إلى حالة شبه جمعية تكاد تكون واحدة، أضعفت المشاركة الحقيقية في الانتخابات لجهة عزوف الكثيرين عنها لاعتقادهم بعدم جدواها.
السبب الثاني للإحباط هو الشعور الغالب بنتيجة الانتخابات المسبقة، وهو شعور ليس صحيحًا على إطلاقه، فاللاعبون على صعيد الانتخابات كثر، ومن الاستحالة أن تتحكم جهة ما بنتائج الانتخابات كلّها، فنتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس النوّاب جاءت بطريقة صادمة للكثيرين من عموم الناس، ما يؤشّر إلى أنّ صوت الناخب له التأثير الأكبر في نتيجة الانتخاب.
السبب الثالث يتعلّق ببعض النوّاب أنفسهم، حين يلزمون أنفسهم بوعودٍ انتخابية خدماتية بالدرجة الأولى، ويقفون على أبواب الوزراء طالبين خدماتٍ يومية للقواعد الانتخابية، وهم يعلمون تمامًا أنّ جلّها لن يتحقق، إمّا لمخالفةٍ قانونية، أو لعدم وجود مخصصات، أو لعدم وجود شواغر، الأمر الذي يمنعهم من أداء الوظيفة الأساس لهم، وهي الوظيفة الرقابية على أداء الحكومة، ويعيق عمل الوزراء الذين عليهم استقبال النواب في مكاتبهم، ولو افترضنا أنّ أربعة نوّاب يزورون وزيرًا واحدًا في اليوم، فإنّ ما لا يقل عن ساعتين من وقت الوزير المخصص لوزارته قد ضاع هدرًا.
أسباب الإحباط كثيرة، وربما رجل الشارع يعرفها عين المعرفة، لكن ما المطلوب من مجلس النوّاب !!، هل مطلوبٌ منه أن يكون معارضًا بالمطلق للحكومة !!، بالتأكيد لا، لأنّه إن كان كذلك فلن تنجح أي حكومة في الحصول على ثقة المجلس، هل مطلوبٌ من أعضائه التفرغ لإيجاد وظائف والحصول على إعفاءات للقواعد الانتخابية !!، أيضًا لا، لأنّ الأصل أنّ وجود الحوكمة والقوانين التي يشرّعها المجلس والأنظمة كفيلة بحصول كل ذي حقٍّ على حقه.
المطلوب من مجلس النوّاب ومن أعضائه أن يلتفتوا إلى الوظيفة الدستورية لهم، وهي التشريعات التي تلائم وتناسب الكينونة المجتمعية بقواعدها الانتخابية، وتضمن العدالة التي كفلها الدستور للجميع، وأن تراقب أداء الحكومة لجهة التزامها بتنفيذ القوانين من خلال القنوات القانونية والدستورية، والأصل أن يتناغم العمل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لأنّ وجود كليهما مرتبطٌ أساسًا بالعمل لخدمة الصالح العام والمرافق العامّة، ما يعني بالنتيجة أنّه عملٌ لصالح الشعب بمجموع أفراده ومكوناته.
المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-03-2025 10:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |