حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,14 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1707

من آثار رحمة الله التي تفيض علينا .. تفاصيل

من آثار رحمة الله التي تفيض علينا .. تفاصيل

من آثار رحمة الله التي تفيض علينا  ..  تفاصيل

14-03-2025 08:51 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - إن آثار رحمة الله تفيض علينا وتغمرنا في ليلنا ونهارنا، وفي حركاتنا وسكوننا، وفي كلِّ ذرَّات الكون من حولنا؛ فهيا بنا أيها القارئ الكريم نتأمل في بعض آثار رحمة الله لنعلم عظيمَ فضله علينا، وعنايته ورحمته بنا:

فمن آثار رحمة الله أنه خلق الإنسان، وكرَّمه، وأرسل إليه الرسل، لم يتركه همَلًا:

فالله -عز وجل- خلق الإنسان وجعله خليفةً له في الأرض، وكرَّمه على سائر المخلوقات، وبرحمته أرسل إليه الرسلَ لهدايته وإرشاده للطريق المستقيم؛ ليحيا حياة طيبة، ويَسعَد في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء: 70]، وقال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر: 24].

يقول ابن القيم -رحمه الله-: “فإنّ رحمته تمنع إهمال عباده، وعدم تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم، فمَن أعطى اسم (الرحمن) حقَّه عرَف أنه متضمن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب، أعظم من تضمُّنه علم إنزال الغيث، وإنبات الكلأ، وإخراج الحَبّ؛ فاقتضاء الرحمة لِمَا تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لِمَا تحصل به حياة الأبدان والأشباح، لكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب، وأدرك منه أولو الألباب أمرًا وراء ذلك”.

ومن آثار رحمته سبحانه أنه سخّر الكون للإنسان، وأسبغ عليه من النعم الظاهرة والباطنة:

فمن تكريم الله للإنسان أنْ سخّر له الكون بما فيه من المخلوقات، وأسبغ عليه من النّعم الظاهرة التي يشاهدها ببصره وحواسه، ومن النّعم الباطنة التي يدركها بقلبه وشعوره؛ فقد قال تعالى: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان: 20]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر: 3].

يقول الشيخ السعدي: “فالنعم كلّها من آثار رحمته… فالله خلق الخَلق برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأمرهم ونهاهم، وشرع لهم الشرائع برحمته، وأسبغ عليهم النّعم الظاهرة والباطنة برحمته، ودبَّرهم أنواع التدبير وصرَّفهم بأنواع التصريف برحمته، وملأ الدنيا والآخرة من رحمته؛ فلا طابت الأمور، ولا تيسّرت الأشياء، ولا حصلت المقاصد، وأنواع المطالب إلا برحمته”.

ومن رحمته سبحانه أنه لا يُكلِّف العبد ما لا يطيق من التكاليف والأحكام:

فالله -عز وجل- لم يُكلِّف العباد إلا بما يستطيعون رحمةً بهم وفضلًا منه سبحانه، وإلَّا فلو أمَر عباده بما لا يطيقون ما استطاع أحدٌ منهم أن يعترض على أمره، أو أن يخرج عن مشيئته، ولكنه سبحانه أرحم الراحمين بعباده، حيث لم يكلفهم إلَّا بما يطيقون؛ فقد قال سبحانه: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]، وقال سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78].

يقول الشيخ السعدي: “فأَصْل الأوامر والنواهي ليست من الأمور التي تشقُّ على النفوس، بل هي غذاءٌ للأرواح، ودواء للأبدان، وحِمْيَة عن الضّرر، فالله تعالى أمَر العباد بما أمَرهم به رحمةً وإحسانًا. ومع هذا إذا حصل بعض الأعذار التي هي مظنّة المشقّة حصل التخفيف والتسهيل؛ إما بإسقاطه عن المكلَّف، أو إسقاط بعضه، كما في التخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم” .

ومن آثار رحمته سبحانه أنه أنزل جزءًا من رحمته ليتراحم به الناس وسائر المخلوقات فيما بينهم:

فهذا التراحم الذي نشاهده بين الناس بعضهم بعضًا، وبين الحيوانات وسائر المخلوقات؛ لَمِن آثار رحمة الله -عز وجل- التي أودعها في الكون؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ، وفي روايةٍ قال ﷺ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ.

يقول ابن القيم: “ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة، كلّ رحمة منها طِباق ما بين السماء والأرض، فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة؛ نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش والبهائم، وبهذه الرحمة قِوام العالم ونظامه”، ثم قال -رحمه الله-: “وأنت لو تأملتَ العالم بعين البصيرة لرأيتَه ممتلئًا بهذه الرحمة الواحدة التي أنزلها إلى الأرض كامتلاء البحر بمائه، والجو بهوائه، فسبحانه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين”.











طباعة
  • المشاهدات: 1707
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-03-2025 08:51 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم