حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,23 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1855

الدكتور المحامي ربيع العمور يكتب: اتفاق دمشق وقسد: خطوة نحو الوحدة أم هدوء يسبق العاصفة؟

الدكتور المحامي ربيع العمور يكتب: اتفاق دمشق وقسد: خطوة نحو الوحدة أم هدوء يسبق العاصفة؟

الدكتور المحامي ربيع العمور يكتب: اتفاق دمشق وقسد: خطوة نحو الوحدة أم هدوء يسبق العاصفة؟

15-03-2025 09:52 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور المحامي ربيع العمور
في مشهد سياسي غير مسبوق، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي اتفاقًا يقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية الكردية ضمن الدولة السورية. خطوة كهذه لم تكن متوقعة قبل سنوات، لكنها اليوم تُعيد رسم خريطة النفوذ في سوريا، وتثير تساؤلات عميقة: هل نحن أمام تحول استراتيجي سيُنهي الحرب تدريجيًا؟ أم أن الاتفاق مجرد هدنة مؤقتة ستنهار تحت وطأة المصالح الإقليمية والدولية؟

بعد أكثر من عقد من الصراع، وجدت قسد نفسها أمام واقع جديد، حيث تراجع الدعم الأمريكي وتزايدت الضغوط التركية، ما دفعها إلى مراجعة خياراتها. وفي المقابل، يبدو أن دمشق قررت استيعاب هذه القوة بدلًا من مواجهتها عسكريًا. فهل هذه الخطوة مقدمة لإعادة بناء سوريا، أم أنها مجرد محطة في لعبة معقدة لم تُحسم بعد؟

السياق الإقليمي والدولي: لماذا الآن؟

1. الانسحاب الأمريكي التدريجي: هل انتهى زمن الحماية؟

لطالما اعتمدت قسد على الدعم الأمريكي لضمان بقائها ككيان مستقل، لكن تغير أولويات واشنطن في الشرق الأوسط، وزيادة الحديث عن تقليص وجودها العسكري، جعلا خيار الاندماج في الدولة السورية أكثر واقعية.

2. تركيا: المستفيد أم المتضرر؟

لطالما استخدمت أنقرة الملف الكردي كذريعة لتبرير تدخلها العسكري في سوريا. ومع توقيع الاتفاق، قد تجد نفسها أمام معادلة جديدة تقلّص من نفوذها. ولكن بالمقابل، قد تستغله كمبرر لشن عمليات عسكرية إضافية، بحجة منع تشكيل "كيان كردي رسمي" داخل سوريا.

3. روسيا وإيران: إعادة توزيع النفوذ؟

بينما تدعم روسيا الاتفاق لضمان استعادة دمشق السيطرة على شمال شرق سوريا، قد يكون لإيران موقف أكثر تحفظًا، خاصة إذا تضمّن الاتفاق أي ترتيبات تهدف إلى تحجيم دور الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.

تفكيك الاتفاق: هل هو إعادة هندسة للسلطة؟

تضمّن الاتفاق ثمانية بنود رئيسية، أبرزها:

1. دمج مؤسسات قسد المدنية والعسكرية ضمن الدولة السورية.

2. تمثيل الأكراد في الحكومة والإدارة السياسية وفق آليات جديدة.

3. الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية ثانية في بعض المناطق.

4. إعادة توزيع السيطرة على الموارد النفطية بين الدولة السورية وقسد.

5. ضمان عودة النازحين إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة قسد.

6. التزام دمشق بمنع أي تدخل عسكري أجنبي، خاصة من قبل تركيا.

7. تنسيق الجهود الأمنية لمواجهة الجماعات المسلحة غير النظامية.

8. تشكيل لجنة مشتركة للإشراف على تنفيذ الاتفاق خلال الأشهر المقبلة.
هذه البنود تعكس تحولًا كبيرًا في المشهد السوري، لكنها تطرح أيضًا تساؤلات حول مدى القدرة على تنفيذها وسط التحديات الداخلية والخارجية.
ردود الفعل: من الرابح ومن الخاسر؟

1. الدولة السورية: تعزيز السيادة أم تقديم تنازلات؟

دمشق استعادت جزءًا مهمًا من أراضيها دون قتال، لكن الاتفاق يتضمن تنازلات لم تكن مطروحة سابقًا، مثل منح الأكراد دورًا سياسيًا أكبر.

2. قسد: تكتيك للبقاء أم بداية النهاية؟

بالنسبة لقسد، الاتفاق يبدو كخيار اضطراري للبقاء في المشهد، لكنه قد يؤدي إلى فقدان استقلاليتها التدريجي.

3. تركيا: مأزق جديد؟

إذا نجح الاتفاق، فستفقد أنقرة مبرر تدخلها في سوريا. ولكن إذا شعرت أن الاتفاق يمنح الأكراد نفوذًا أكبر، فقد تستخدمه كذريعة لشن عمليات عسكرية جديدة.

4. الولايات المتحدة: هل تفقد آخر أوراقها في سوريا؟

واشنطن لم تعلّق رسميًا على الاتفاق، لكنه بالتأكيد يضعف نفوذها، ويجعلها تفقد واحدة من أهم أدوات الضغط على دمشق.

مقارنة تاريخية: هل يعيد التاريخ نفسه؟

في عام 1970، وقّع صدام حسين اتفاقًا مع الملا مصطفى البارزاني يمنح الأكراد حكمًا ذاتيًا، لكنه انهار لاحقًا بسبب عدم تنفيذ بنوده. فهل يتكرر السيناريو في سوريا؟

ما الذي يجعل اتفاق سوريا مختلفًا؟

1. التدخل الدولي أعمق وأكثر تعقيدًا.

2. قسد ليست كيانًا منعزلًا، بل جزء من مشهد عسكري وسياسي متشابك.

3. تركيا لاعب رئيسي في المعادلة، مما يزيد من صعوبة التنفيذ.

هذه العوامل تجعل نجاح الاتفاق غير مضمون، وأي خلل في تنفيذه قد يؤدي إلى اندلاع صراعات جديدة.

السيناريوهات المستقبلية: إلى أين يتجه الاتفاق؟

1. نجاح الاتفاق بالكامل: سوريا موحدة بترتيبات جديدة

إذا التزمت دمشق وقسد بتنفيذ الاتفاق، فقد نشهد مرحلة جديدة من الاستقرار، مع تعزيز سيطرة الدولة السورية وتقليص التدخلات الأجنبية.

2. التعثر الجزئي: تأخر التنفيذ وصراعات داخلية

قد تنشأ خلافات حول توزيع السلطة والنفوذ، مما يؤدي إلى تنفيذ بعض البنود وتعطيل أخرى، ما يبقي الوضع في حالة توتر.

3. انهيار الاتفاق: عودة الصراع من جديد

إذا تعرض الاتفاق لضغوط خارجية أو داخلية، فقد ينهار قبل أن يُنفذ بالكامل، مما يعيد المنطقة إلى حالة الفوضى.
العوامل الحاسمة في تحديد مستقبل الاتفاق

1. موقف الولايات المتحدة: هل ستتخلى عن قسد نهائيًا؟

إذا قررت واشنطن دعم الاتفاق، فقد يُنفذ بشكل أسرع. أما إذا حاولت إفشاله للحفاظ على نفوذها، فقد نرى تعقيدات جديدة.

2. الدور التركي: تصعيد أم قبول بالأمر الواقع؟

إذا قبلت أنقرة بالاتفاق، فقد يكون ذلك بداية لاستقرار المنطقة. ولكن إذا قررت إفشاله عسكريًا، فقد نشهد موجة جديدة من الصراع.

3. موقف الداخل السوري: هل يقبل الجميع بالاتفاق؟

النجاح يعتمد على مدى قبول الأطراف المختلفة داخل سوريا، سواء في الحكومة أو بين الأكراد.

4. الضمانات الروسية: هل ستكون كافية؟

موسكو قد تلعب دورًا رئيسيًا في ضمان تنفيذ الاتفاق ومنع انهياره.

هل نحن أمام ولادة سوريا جديدة؟

هذا الاتفاق قد يكون نقطة تحول تاريخية، لكنه ليس ضمانًا لاستقرار دائم. نجاحه يعتمد على تنفيذ بنوده، والتعامل بواقعية مع التحديات الداخلية والخارجية.

إذا استطاعت دمشق وقسد تجاوز العقبات، فقد نشهد بداية مرحلة جديدة تعيد توحيد البلاد. أما إذا فشل الاتفاق، فقد يكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة الأزمات التي تعصف بسوريا منذ أكثر من عقد.

السؤال الكبير: هل نشهد نهاية الحرب تدريجيًا، أم أن هذا الاتفاق ليس سوى هدوء يسبق العاصفة؟











طباعة
  • المشاهدات: 1855
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-03-2025 09:52 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل توسع واشنطن نطاق ضرباتها على الحوثيين لتشمل استهداف مواقع إيرانية بشكل مباشر؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم