حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,16 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1620

زهير الشرمان يكتب: استقالة بولر والضغوط الإسرائيلية رسالة للمسؤولين الأمريكيين

زهير الشرمان يكتب: استقالة بولر والضغوط الإسرائيلية رسالة للمسؤولين الأمريكيين

زهير الشرمان يكتب: استقالة بولر والضغوط الإسرائيلية رسالة للمسؤولين الأمريكيين

16-03-2025 01:44 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زهير الشرمان
في مشهد سياسي يعكس تداخل المصالح الاقتصادية والسياسية في واشنطن، جاءت استقالة آدم بولر، مبعوث إدارة ترامب في الشرق الأوسط، لتثير العديد من التساؤلات حول أسبابها الحقيقية وتداعياتها. الصحافة الأمريكية أشارت إلى أن بولر تخلى عن منصبه تجنبا لتضارب المصالح مع شركاته الخاصة، لكن تزامن هذه الخطوة مع الجدل الذي أثارته تصريحاته حول حركة حماس، والتي وصف فيها بعض عناصرها بأنهم "لطيفون"، يفتح باب التأويلات بشأن الضغوط التي تعرض لها.

في السياسة الأمريكية، كثيرا ما يتداخل النفوذ الاقتصادي مع المناصب الحكومية، حيث يضطر المسؤولون إلى المفاضلة بين الاستمرار في العمل العام أو الحفاظ على مصالحهم التجارية. بولر، الذي كان يشغل مناصب تنفيذية في شركات خاصة، بدا أنه فضل الخيار الثاني، في خطوة تعكس مدى تأثير رأس المال على قرارات المسؤولين حتى في أكثر الإدارات نفوذا.

في المقابل، لا يمكن تجاهل البعد السياسي في استقالة بولر، فقد واجه انتقادات حادة بعد تصريحاته التي لم ترق لإسرائيل، مما اضطره إلى التراجع عنها تحت ضغط تل أبيب. هذا الحادث يبرز مجددا مدى تأثير إسرائيل على السياسة الأمريكية، ليس فقط على مستوى القرارات الاستراتيجية، بل حتى على الخطاب السياسي الذي يدلي به المسؤولون.

لم تكن إدارة ترامب استثناء في تبني مواقف داعمة لإسرائيل، فقد قدمت دعما غير مسبوق لها من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، فضلا عن تبني سياسات متشددة تجاه الفلسطينيين. لكن رغم هذا الدعم، لم تتردد إسرائيل في ممارسة ضغوط على أحد مبعوثيها عندما أدلى بتصريحات لم تتماشى مع رؤيتها. هذا يعكس حقيقة أن النفوذ الإسرائيلي داخل واشنطن لا يقتصر فقط على الإدارات المترددة أو المتوازنة، بل يمتد حتى إلى أكثر الإدارات انحيازا لها.

هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان الدور القوي الذي تلعبه جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، مثل إيباك، والتي تمتلك نفوذا كبيرا على صناع القرار. قدرة هذه الجماعات على التأثير لا تقتصر على تشكيل السياسات العامة، بل تصل إلى التأثير على مستقبل المسؤولين أنفسهم، مما يجعل أي انحراف عن الخط التقليدي المؤيد لإسرائيل محفوفا بالمخاطر السياسية والمهنية.

هذا الموقف يذكرنا بمشهد حصل خلال إدارة أوباما عندما كان جون كيري وزير الخارجية الامريكي آنذاك هدفا للضغوط الإسرائيلية بسبب محاولاته لتحقيق تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في عام 2014، عندما كان يحاول إحياء مفاوضات السلام بين الطرفين، انتقدت إسرائيل تصريحات كيري التي وصفتها بأنها تهديد للسلام بسبب محاولاته حمل إسرائيل على تقديم تنازلات بشأن الاستيطان والمفاوضات. هذه الضغوط وصلت إلى حد توجيه انتقادات علنية له من قبل بعض المسؤولين الإسرائيليين، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، موشيه يعلون، إن كيري كان "يفتقر إلى الفهم" وكان يؤدي إلى نتائج غير مفيدة.

استقالة بولر تفتح أيضا باب النقاش حول مدى حساسية الموقف الأمريكي من حركة حماس. ورغم أن الولايات المتحدة تصنف الحركة كمنظمة إرهابية، فإن مجرد تصريح غير محسوب يمكن أن يثير أزمة سياسية، كما حدث مع بولر. هذا يعكس أن أي محاولة لإعادة النظر في السياسة الأمريكية تجاه الحركة، أو حتى استخدام لغة أكثر اعتدالا في التعامل معها، ستواجه مقاومة شديدة من قبل إسرائيل واللوبيات الداعمة لها.

هذا الواقع يعني أن أي إدارة أمريكية مستقبلية قد تجد نفسها مقيدة في التعامل مع الملف الفلسطيني، خاصة إذا أرادت اتباع نهج أكثر انفتاحا.

الحادثة تثبت أن السياسة الأمريكية في هذا الملف لا تُصنع فقط داخل البيت الأبيض أو الكونغرس، بل تتأثر بجهات خارجية قادرة على فرض رؤيتها، حتى لو كان ذلك على حساب مسؤولين أمريكيين بارزين.

استقالة آدم بولر ليست مجرد خطوة فردية، بل دليل إضافي على مدى تعقيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حيث تتجاوز هذه العلاقة حدود المصالح السياسية والاقتصادية لتصل إلى التحكم في الخطاب السياسي ذاته. في ظل هذا الواقع، ستظل أي محاولة لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خاضعة لضغوط قوية، داخلية وخارجية.
الايبي : 91.186.251.200
الريفيرال :
https://www.sarayanews.com/mobile/index.php?page=category&id=16
اخر عملية : لم تتم اي عملية
الردود











طباعة
  • المشاهدات: 1620
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-03-2025 01:44 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتجه المواجهات بين قوات الأمن السورية و"فلول النظام السابق" في منطقة الساحل نحو تصعيد يمتد إلى مناطق أخرى؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم