17-03-2025 09:41 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
لا شك أن العالم يشهد تحولات وتغيرات في نظامه القائم من بعد الحرب العالمية الثانية، فالخبراء والمختصون والمحللون الإستراتيجيون أصبحوا على يقين أن ما يجري سيؤدي إلى نشوء نظام أو (لا نظام) جديد، ذلك أن السياق العام للأحداث يرتبط إلى حد بعيد بشخص الرئيس الأميركي دونالد ترامب والأفكار التي يعبر عنها في اتجاه إعادة صياغة العلاقات الدولية، وهو ما يفسر طريقته في كسر حاجز تلك العلاقات إلى درجة الاقتراب من أعداء الأمس، والابتعاد عن حلفاء اليوم إلى درجة نوع من الخصومة مع الحلفاء الأوروبيين، والجيران الكنديين والمكسيكين!
إذا نظرنا لتلك التحولات من الناحية الاقتصادية فإن علامات الاستفهام تكبر كل يوم حول تجارة وأسعار الذهب والمعادن النفيسة العالمية، والإجابات على تلك الأسئلة ما تزال محدودة جداً، وجميعها تدور في فلك النظام العالمي الذي يتغير سياسياً واقتصادياً، وربما في كل شيء إذا أضفنا إلى ذلك أثر الكوارث والحروب والتغيرات المناخية، كل ذلك في غياب المسؤولية المشتركة بين قادة العالم، سواء في نطاق الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو التجمعات الأخرى، الأمر الذي يضع الجميع في حالة ترقب وانتظار للآتي بغض النظر عن طبيعته وتأثيره على الدول منفردة أو مجتمعة!
السؤال الكبير بالنسبة لنا هو حول ما يتعلق بمنطقتنا (أين هو موقعها من تلك التحولات؟) فالظاهر حتى الآن أنها تمر في مرحلة مخاض صعب يرتبط بحمل الماضي أكثر من ارتباطه برسم ملامح المستقبل ، ولعل هذه المنطقة بالذات أقرب ما تكون إلى المعادلات التاريخية في العلاقات الإنسانية والعلاقات بين الدول والأمم والشعوب منذ طريق الحرير وطريق التوابل وإلى يومنا هذا (طريق النفط والغاز)، وقد تكون بلا فاعلية حقيقية في تشكيل ذلك النظام المجهول، ولكنها ستظل رقماً صعباً هذه المرة نتيجة تغير المعادلات وتفكك التحالفات التي كانت تحدد مصيرها على مدى مائة عام من الزمن.
الأردن بلد حاضر في كل المعادلات والتوازنات ذات العلاقة بهذه المنطقة، وهو يحتفظ دائماً بمميزات خاصة به جعلته قادراً على استيعاب التحولات والتحديات والتهديدات التي يتعرض لها دائماً من محيطه المتواصل معه جغرافياً، وفي الواقع أن العنصر الفاعل في هذه المعادلة القائمة حالياً يرتبط أساساً بقدرة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على الاستشعار والرؤية السليمة للتطورات من حيث أسبابها وتفاعلاتها ونتائجها، وهو زعيم استثنائي يقدره الجميع سواء اتفقوا أو اختلفوا مع طروحاته الصريحة والصادقة، خاصة وأنه لا يجامل في المسائل التي تتعلق بأمن واستقرار الدول ومصير شعوبها، وجلالته يدرك أن منظومة القيم والمبادئ يمكن أن تحضر في أي وقت، ويمكن عرضها كمنطلق أخلاقي لتحقيق مصالح جميع الأطراف بدل منطق القوة الغاشمة وأساليب التهديد من أجل فرض الهيمنة ونهب مقدرات الدول الضعيفة.
اليوم يجب أن نتذكر أن جلالة الملك الذي قدم أفكاره من على منبر الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية بشأن نظام عالمي جديد أكثر عدالة وخلقاً، يدفع بكل قوة ويحث الأردنيين على مواصلة مسيرتهم التحديثية والتقدم بها إلى الأمام، وعدم النظر إلى الخلف، ذلك أن رؤيتنا الوطنية واضحة كل الوضوح، وما خلف ذلك دخان كثيف.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-03-2025 09:41 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |