حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,17 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1338

نادية سعدالدين تكتب: الصهيونية والنازية .. توأمان فكرا وعملا (1)

نادية سعدالدين تكتب: الصهيونية والنازية .. توأمان فكرا وعملا (1)

نادية سعدالدين تكتب: الصهيونية والنازية ..  توأمان فكرا وعملا (1)

17-03-2025 09:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نادية سعدالدين
نسجت الصهيونية روايتها الزائفة من مضامين دينية واردة في نصوص التوراة والتلمود وتفسيراتهما، ومفاهيم يحملها الساسة الصهاينة أنفسهم، لتوظيف الدين في خدمة المشروع الاستعماري الاستيطاني الإحلالي في فلسطين المحتلة، إلى جانب الاستفادة من الأفكار والنظريات العنصرية التي سادت القرن التاسع عشر، حول «نقاء العرق» ورفض الاختلاط «بالآخر» و»الحاجز اللوني»، الذي وجد صيغته المعدلة عندها في جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية.


استلهمت الصهيونية من المنظومة الفكرية الألمانية مقولات تمجيد الدولة و»الاختيار»، والنظرة العضوية والمجال الحيوي، وتعظيم القـوة والعنـف، إلى جانب تغذية الشعور بالقومية، بطريقة مزجت بينها وبين العرقية في أقصى درجات تطرفها، بما يحمل المخاطر دوماً على أمن واستقرار المنطقة لكونها سبباً رئيساً في قيام الصراعات وشن الحروب. وتتمثل أوجه التشابه بينهما في النظرة العنصرية:

أولاً: ينطلق كلاهما من مقولة «النقاء العرقي». وتجسد ذلك التشابه بينهما في التعريف الذي وضعته كل منهما لتحديد «الآري» بالنسبة للنازية و»اليهودي» بالنسبة للصهيونية، والذي يستند في الأساس إلى شرط الدم من جهة الأم، وإن كانت الصهيونية قد عمدت إلى تغليف ذلك التعريف بإطار ديني، فاستقت من التوراة والتلمود نصوصاً منتقاة لتسويغ مقولاتها وطروحاتها العنصرية.
وبالإضافة إلى الاستناد إلى شرط الدم من جهة الأم، فإن التعريفين يتضمنان بصورة أو بأخرى تعريفين آخرين للدولة ذاتها، فألمانيا بحسب النظام النازي هي دولة من تسير في عروقه دماء ألمانية بالأساس، و»إسرائيل» وفقاً للصهيونية هي دولة الأشخاص الذين تعرفهم بأنهم يهود. فالطروحات العرقية والبيولوجية التي تبناها النازيون هي نفسها التي تشكل أساس تعريف اليهودي داخل الكيان الصهيوني.
ثانياً: من ذلك التعريف يتضح شمولية المخاطبة لجميع الألمان وجميع اليهود في العالم بغض النظر عن زمانهم ومكانهم، وهذه هي علاقة الدم بالأرض، فجميع الأشخاص المنحدرين من العرق الألماني يجب أن يصبحوا مواطنين في الدولة الألمانية، رغم أنهم قد يكونون قد نشأوا وترعرعوا هم وآباؤهم وأجدادهم في بلاد أخرى ومع ذلك فإن حقيقتهم الأساسية تبقى ألمانية ومرجعهم ألمانياً. وكذلك هي الصهيونية فإن تعريف «من هو اليهوي» يخص كل الأشخاص الذين تعرفهم سلطات الاحتلال كيهود بصرف النظر عن المكان الذين يعيشون فيه، وبالتالي فإن أي يهودي سواء وطئت أقدامه «أرض إسرائيل» للمرة الأولى بقصد العيش فيها أو أنه فضل المكوث في الخارج فإنه يُمنح الجنسية الإسرائيلية.
ثالثاً: إن مفهوم «الشعب المختار» عند الصهيونية يجد جذوره عند النازية مع اختلاف الهوية، فهم آريون بالنسبة للنازية وتجمعات يهودية عند الصهيونية، ولئن كانت الصهيونية تستمد خاصية الاختيار من أساس ديني، فإن جذور ذلك الاختيار والاصطفاء عند النازية «عرقية». أما التنادي بمقولة اختيار شعب عن دون الآخرين فيعني بالضرورة استبعاد هؤلاء «الآخرين» ورفض المساواة معهم.
ينتج عن ذلك بطبيعة الحال دعوات مشابهة عند النازية والصهيونية تنادي بعدم الاختلاط بالآخر وعدم التزاوج منه أيضاً، والاحتكام إلى تصنيف ثنائي للبشر يندرج في سياقه «الآري» مقابل «غير الآري» بالنسبة للنازية و»اليهودي» مقابل «غير اليهودي»، أو «الأغيار» وهم الفلسطينيون والعرب، بالنسبة للصهيونية، وإضفاء سمات التقدم والتحضر عليهما، بوصفهما حملة الحضارة والرسالة التاريخية، وفق تلك المزاعم.
رابعاً: تنطوي مقولات «النقاء العرقي» والاختيار وعدم الاختلاط مع الآخر على رفض المساواة مع الآخر والتمييز ضده في كافة المجالات، الأمر الذي تجسد عملياً عند النازية من خلال قوانين نورنبرغ وغيرها، مثلما يتجسد عند الصهيونية من خلال التمييز ضد العرب الفلسطينيين في مختلف المجالات. ويُلاحظ هنا الجذور «الداروينية» عند كل من النازية والصهيونية في رؤاهم وممارساتهم العملية، حيث تؤمن كل منهما بمقولات البقاء للأقوى والأصلح و»الانتخاب الطبيعي»، وهي مقولات تجد صدى واسعاً عند المؤمنين بالعنصرية في تفسيرهم لجذور الاصطفائية والبقاء للعروق القوية.
إذا كانت الصهيونية لديها القدرة على التكيف مع واقع الحال والمستجدات، بدعم غربي، مما ضمن لها البقاء والاستمرارية حتى الآن، إلا أن هذا التكيف لم يطل المقولات التي تستند إليها روايتها الزائفة التي تتنافى مع الحقائق التاريخية والحضارية والثقافية، وتصطدم مع مقاومة أصحاب الأرض، وتتسم بالانغلاق والجمود ومعاكسة الاتجاه الفكري والإنساني السائد، بما سيجعلها ظاهرة مرحلية ستؤول إلى نفس المصير الذي وصلت إليه النازية، وهو الاضمحلال فالزوال.











طباعة
  • المشاهدات: 1338
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-03-2025 09:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتجه المواجهات بين قوات الأمن السورية و"فلول النظام السابق" في منطقة الساحل نحو تصعيد يمتد إلى مناطق أخرى؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم