حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,17 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 1508

د. ليث القهيوي يكتب: منظومة التعليم في الأردن: هل تساهم في بناء قادة سياسيين شباب؟

د. ليث القهيوي يكتب: منظومة التعليم في الأردن: هل تساهم في بناء قادة سياسيين شباب؟

د. ليث القهيوي يكتب: منظومة التعليم في الأردن: هل تساهم في بناء قادة سياسيين شباب؟

17-03-2025 09:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ليث عبدالله القهيوي
يلعب النظام التعليمي في الأردن دورًا محوريًا في تنشئة الأجيال وتأهيلهم للقيام بأدوار متعددة في المجتمع، بما في ذلك القيادة السياسية. ورغم الجهود المبذولة في هذا الصدد، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرة المنظومة التعليمية على إعداد قادة سياسيين شباب يمتلكون الوعي الكافي لمواجهة تحديات المستقبل والانخراط الفاعل في عملية صنع القرار. ومع تسارع التطورات السياسية والاجتماعية، يبرز التعليم بوصفه أحد أهم العوامل في تعزيز ثقافة المشاركة السياسية وتنمية المهارات القيادية لدى الشباب.


يشير تحليل النظام التعليمي الأردني إلى الدور البارز الذي تؤديه الجامعات في توسيع آفاق الطلبة السياسية، عبر إتاحة الفرصة لهم للانخراط في الأنشطة الطلابية والمناقشات الفكرية المرتبطة بقضايا المجتمع والسياسة. ومع ذلك، لا تزال المناهج الدراسية بحاجةٍ ماسّة إلى تحديث مستمر يراعي تعزيز التفكير النقدي، وغرس مفاهيم الديمقراطية والمشاركة الفاعلة بوضوح أكبر. وفي هذا الإطار، يُعَدّ تطوير المناهج بأسلوب يرسّخ الفهم المعمّق للسياسات المحلية والدولية خطوةً مهمةً نحو تأهيل الشباب لتولي الأدوار القيادية في المستقبل.

وعند استشراف مستقبل التعليم في الأردن، يتضح وجود حاجة ملحة لإجراء إصلاحات جذرية تهدف إلى تحسين جودة التعليم وتعزيز الوعي السياسي لدى الطلبة. فالنظم التعليمية التقليدية التي تركّز على التلقين والحفظ لا تواكب المستجدات الحديثة التي تتطلّب تمكين الشباب من مهارات التحليل واتخاذ القرار. كما أن تبنّي إستراتيجيات تعليمية تفاعلية داخل الجامعات قد يشجّع الطلبة على المشاركة في النقاشات السياسية ويعزّز ثقتهم بقدراتهم القيادية.
واليوم نحتاج الى نهضة حقيقية وخطط جدية لتطوير قطاع التعليم وربطه بسوق العمل حيث هناك تحديات تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة في تكوين قيادات شبابية سياسية. إذ تتطلب من المؤسسات التعليمية مزيدًا من الاستثمارات في برامج تركز على تنمية المهارات القيادية وتعزيز ثقافة المشاركة السياسية، عن طريق توفير مساقات أكاديمية متخصصة في القيادة وإدارة السياسات العامة. علاوةً على ذلك، فإن تعزيز الشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني قد يخلق بيئةً مناسبة لاكتساب الخبرات العملية.
من جانب آخر، تحتاج البيئة السياسية في الأردن إلى إجراءات داعمة تُحفِّز الشباب على الانخراط في الحياة السياسية. إذ تؤثر التحديات الاقتصادية والاجتماعية بشكل مباشر على توجهات الشباب، ما يجعلهم أقل حماسًا للمشاركة السياسية الفاعلة. لذا، لا بد من وضع سياسات تشجّع الشباب على تولّي أدوار قيادية وتمنحهم فرصة التأثير في القرارات المصيرية التي تتعلّق بمستقبلهم. وقد أثبتت التجارب أنّ الاستثمار في التعليم السياسي المبكر يترك أثرًا إيجابيًا بعيد المدى في تشكيل القيادات المستقبلية.
إنّ مستقبل التعليم في الأردن يرتبط بمدى القدرة على تحديث المناهج الدراسية وتعزيز بيئة تعليمية تحفّز التفكير النقدي والبحث والمشاركة في الحياة العامة. ومن الضروري العمل على إعداد برامج تدريبية متخصصة تُعنى بتطوير المهارات السياسية والقيادية، ليكون الشباب مهيّئين للاضطلاع بأدوار قيادية بوعي ومسؤولية. كما أن للإعلام دورًا فاعلًا في تعزيز الوعي السياسي، من خلال تحفيز الشباب على المشاركة في النقاشات وتكوين آرائهم بأسلوب ناضج بعيدًا عن التأثيرات السطحية.
وفي هذا السياق، ينبغي أن تتناغم السياسات التعليمية مع الإصلاحات السياسية والاقتصادية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. فوجود نظام تعليمي قوي قادر على تخريج أجيالٍ تتمتع بروح المسؤولية وبالقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة يمثّل شرطًا أساسيًا لأي دولة تسعى نحو الاستقرار والتقدم. وعليه، فإن العمل على بناء بيئة تعليمية تدعم التفكير السياسي النقدي وتشجع على الانخراط في العمل العام يُعَدّ خطوةً محوريةً في رسم مستقبل أكثر استقرارًا وديمقراطية.
في الختام، يمكن القول إنّ التعليم في الأردن يتمتّع بإمكانات كبيرة لتشكيل مستقبل سياسي واعد، لكنه يحتاج إلى مراجعة مستمرة بهدف ضمان استجابته لمتطلبات العصر، ومع وجود تحديات اقتصادية واجتماعية تؤثر على اهتمامات الشباب، يبقى التعليم هو الأداة الأقوى لتأهيلهم للقيادة المستقبلية. ومن ثَمّ، فإن اتخاذ خطوات جديّة لإصلاح النظام التعليمي ومواءمته مع احتياجات السوق والمجتمع يشكل ركيزة أساسية في بناء جيل جديد من القادة السياسيين القادرين على مواجهة التحديات والتفاعل الإيجابي مع التطورات العالمية.











طباعة
  • المشاهدات: 1508
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-03-2025 09:42 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تتجه المواجهات بين قوات الأمن السورية و"فلول النظام السابق" في منطقة الساحل نحو تصعيد يمتد إلى مناطق أخرى؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم