18-03-2025 09:32 AM
بقلم : ماهر أبو طير
يعلّق الأميركيون مساعداتهم للأردن، بما فيها مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، والتعليق يضر بالأردن، خصوصا أن التمويل يذهب للخزينة، وبعضه لمشاريع حكومية مهمة، اضافة لمشاريع مؤسسات المجتمع المدني.
اللافت للانتباه اننا في تواقيت متقاربة شهدنا امرا مهما في الأردن، بعد أن اعلنت المصارف الأردنية عن دعم لقطاعي الصحة والتعليم، بمبلغ 90 مليون دينار على مدار ثلاث سنوات، وذلك ضمن مسؤوليتها الاجتماعية بدعم التنمية الوطنية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وأنا أتوقع أيضا ان تبادر شركات ريادية رابحة كبرى بالاعلان عن مثل هذه المبادرة، وهي مبالغ مالية مهمة جدا، تساعد في ادامة مشاريع قائمة، والاعلان عن مشاريع جديدة، وهذا دور مطلوب من المال الأردني، الذي يربح، ويدفع ما عليه من ضرائب، لكن مسؤوليته الاجتماعية اكثر حساسية.
لا يبدو هذا ردا أردنيا على واشنطن، بعد تعليق المخصصات، كما يقول البعض ونحن نعرف ان USAID ، تمول مشاريع في قطاعات مختلفة، بما فيها الصحة والتعليم، والأردن ايضا لا يريد الدخول في معركة مع الاميركيين، ويقف امام واقع مختلف، تجعله يتدبر حلولا بديلة، حتى تتضح الصورة، خصوصا، مع الأنباء التي تتدفق من واشنطن حول التراجعات التي شملت دولا كثيرة، ولا تقف عند الأردن.
هذا يعني أن تسييس المبادرة ليس أمرا حميدا، لأن من يريد تسييس المبادرة، وكأن الأردن يقول للأميركيين اننا لسنا بحاجة لكم، ولدينا القدرة على تدبر امورنا من الداخل او القروض او حتى من العرب، يريد هنا اختطاف الأردن نحو زاوية حرجة، لأن العلاقات مع واشنطن مهمة كثيرا، كما ان التعليق ما يزال مؤقتا، وبالتأكيد سيتم التراجع عنه، بشكل كلي او جزئي، وتعويض مشاريع USAID ، من خلال مصادر بديلة، او عبر تفاهمات مع وزارة الخارجية الاميركية، مايزال ممكنا.
ليس أدل على ذلك من إشادة رئيس الوزراء بمبادرة المصارف الأردنية، ولان القصة لا تحتمل التسييس وربطها بقصة المساعدات الاميركية، اشار رئيس الوزراء الى اهمية استمرار القطاع المصرفي بدعم التنمية والمشاريع الكبرى في الأردن، كمشروع الناقل الوطني، ومشاريع البنى التحتية في المدن، والسكك الحديد، والنقل العام، والقطاعات الحيوية الأخرى، وهي مشاريع تسعى الحكومة أن تحققَها.
لدينا تجربة مهمة خلال أزمة كورونا، من خلال التبرع لصندوق همة وطن، وبرغم ان ملايين الدنانير تم دفعها للصندوق، وبحدود المائة مليون دينار، إلا أن التوقعات كانت أعلى، وفي كل الأحوال لا يمكن مواصلة النقد فقط هنا، لأن القطاع الخاص ايضا يواجه تحديات وضغوطات مالية، وضرائب ورسوما، اضافة لكونه يشكو من كلف الإنتاج والطاقة، وغير ذلك، وهو محسود بطريقة لا تتفهم الضغوطات عليه، وحاجة الأردن أيضا ان يكون صانعا للوظائف، لتخفيف ازمة البطالة في الأردن.
ربما أكثر الأطراف تضررا من تعليق الدعم الاميركي هي مؤسسات المجتمع المدني، التي أوقفت كل مشاريعها، وخسر الآلاف أعمالهم في هذه المشاريع، ولا يبدو أن هناك أي أفق لعودة هذه المشاريع، حتى الآن، لأن الحكومة ستكون مهتمة أولا بتعويض الدعم المالي للخزينة، ولمشاريع الحكومة في قطاعات كثيرة، مثل المياه والبلديات والصحة والتعليم وغير ذلك.
الادارة الاميركية تخوض حربا اقتصاديا وقد أعلنت واشنطن أنه بدون إجراءات مالية ستفلس الولايات المتحدة، ولا بد من خفض عجز الموازنة بمقدار تريليون دولار في العام المقبل، وفقا لتصريحات صديقه الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الذي يتولى مهمة ملف خفض الانفاق في كافة المجالات، بما يعني ان اولويات الولايات المتحدة اختلفت تماما، ولا يمكن لكل الدول التي تتلقى مساعدات مالية ان تواصل المراهنة بذات الطريقة وعليها ان تبحث عن حلول بديلة قدر الإمكان.
بعضنا حاول تسييس المبادرة، وكأنه يقول إننا في وارد الدخول في معركة، وهذا غير صحيح، فالمبادرة ليست برقية من عمان إلى واشنطن، بقدر تفعيل المسؤولية الاجتماعية، وهو أمر مطلوب من شركات ريادية كبرى معروفة بكونها تربح، من أجل تحريك اقتصاد الأردن، وتطوير البنى التحتية، والتحوط أيضا لأي تغيرات في المحصلة، في ظل ظروف متقلبة، بما يجعلنا نشيد بهذه المبادرة أيضا لأهميتها.
ثم علينا ألا ننسى أن قيمة أي مبادرة محلية، أقل بكثير من قيمة المساعدات المعلقة، لكنها تبقى مقدرة في هذه الظروف.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-03-2025 09:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |