حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,19 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4550

تمارا خزوز تكتب: الاستكانة والاستهانة: أزمة التمثيل السياسي وتحديات المرحلة

تمارا خزوز تكتب: الاستكانة والاستهانة: أزمة التمثيل السياسي وتحديات المرحلة

تمارا خزوز تكتب: الاستكانة والاستهانة: أزمة التمثيل السياسي وتحديات المرحلة

18-03-2025 10:01 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : تمارا خزوز
اللامبالاة السياسية وحالة “الاستكانة” التي تسود بين قطاعات واسعة من المواطنين، مقرونة بانعدام الثقة في جدوى العملية الإصلاحية، تشكّل إشكالية سياسية واجتماعية وتحديًا حقيقيًا للدولة. وإذا استمرت بعض الجهات الفاعلة في المشهد السياسي في التعامل معها بِـ”استهانة” أو تجاهل، ستتفاقم تداعياتها إلى مستويات يصعب احتواؤها.


“الاستكانة” واللامبالاة السياسية تعنيان انسحاب المواطن من المشهد العام وغياب تمثيله المنظَّم في المعادلة السياسية، لأن مطالبه وآراءه ستصبح مجرد أصوات متفرقة تفقد تأثيرها في مراكز القرار. فمن حيث المبدأ، لا تتعامل الدول مع الأفراد على نحو منفصل، بل من خلال حواضن اجتماعية وأطر سياسية تعكس توجهاته وتمثّله، ولهذا وُجدت الأحزاب السياسية والمجالس التشريعية. أما غياب هذه القنوات التمثيلية أو قصورها، فسيؤدي إلى تعارض المصالح بين الدولة والمجتمع.

وقد تتحول “الاستهانة” بهذا الوضع في لحظة ما إلى سوء تقدير، خاصة مع الإصرار على الاكتفاء بتشخيص الواقع الحزبي الحالي وتطبيع إفرازاته، بما في ذلك الانقسامات الداخلية، والصراعات القيادية، وضعف الأداء والتمثيل، ضمن سياق التجربة السياسية “الجديدة”. بينما واقع الأمر يشي أن القضية أعقد من ذلك، فالنموذج الحزبي القائم حاليًا لا يرتقي إلى مستوى الكيانات السياسية المتماسكة، بل هو نموذج مشوّه يعتمد على ديناميكية الاستنفار الانتخابي المؤقت، يعقبها العودة إلى السُّبات العميق.
هذا الواقع لا يسيء إلى القواعد الانتخابية وحدها، بل يضر الدولة أيضًا. وقد برزت بوادر هذه الإشكالية بوضوح مؤخرًا، عندما احتاجت الدولة إلى إسناد موقفها في مواجهة مخطط التهجير وغيره من القضايا المصيرية، ولم ترتقِ الأحزاب السياسية إلى مستوى الحدث، واكتفت بإصدار البيانات، في حين كان الحراك الشعبي العفوي أكثر قوة وتأثيرًا.
الأهم، أن غياب التفاعل السياسي المنظَّم ضمن قنواته الدستورية يُصعّب على الدولة قياس الرأي العام بطرق علمية دقيقة. ويزيد من تعقيد هذه المسألة ضعف التمويل والإمكانات لدى مراكز الأبحاث والدراسات، مما يجعل استطلاع المزاج الشعبي عملية معقدة. واستمرار ذلك يعني أن يجد صُنّاع القرار أنفسهم في حالة من التوقع والتخمين المستمر، معتمدين على الفراسة والخبرة بدلًا من الاستناد إلى بيانات ومعطيات دقيقة، مما يجعل رسم السياسات العامة واتخاذ المواقف الحكومية أكثر تعقيدًا.
وللإنصاف، فإن ضبط معادلة “الاستكانة” و”الاستهانة” ليس سهلًا، خاصة في الوقت الحالي وفي ظل الضغط الهائل على الموارد والتحديات التمويلية التي تواجهها الدولة. وبالتالي، فإن المصلحة العليا تقتضي التحرك السريع وإدخال أطراف جديدة إلى المعادلة لضمان تحقيق التوازنات، وعلى رأسها “جماعات المصالح” التي تُعرَّف اصطلاحًا بأنها مجموعات سياسية أو اقتصادية تختلف عن الأحزاب السياسية في كونها تهدف إلى التأثير في السياسات الحكومية فقط، دون أن تكون جزءًا رسميًا منها.
هذا ما فعله رئيس الحكومة بالأمس، حيث اشتبك بفعالية مع “جماعات المصالح” ورفع مستوى الاتصالات السياسية إلى مرحلة متقدمة، وقاد بذكاء المبادرة مع جمعية البنوك، والتي أسفرت عن التزام الأخيرة بتخصيص 90 مليون دينار لدعم قطاعي الصحة والتعليم في إطار مسؤوليتها الاجتماعية.
الرهان على استمرار المشهد السياسي كما هو، دون حلول تعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع، واستمرار غياب التمثيل المنظَّم، لن يكون مجرد أزمة عابرة، بل عبئًا على الدولة وأزمة للمجتمع. ولا ينبغي أن يكون تصحيح المسار ترفًا أو خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة يفرضها واقع المرحلة واستحقاقاتها.

الغد











طباعة
  • المشاهدات: 4550
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-03-2025 10:01 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل توسع واشنطن نطاق ضرباتها على الحوثيين لتشمل استهداف مواقع إيرانية بشكل مباشر؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم