18-03-2025 11:20 AM
بقلم : أ.د. اخليف الطراونة
تواصل وزارة التربية والتعليم في الأردن تنفيذ سلسلة من الإصلاحات التربوية الهادفة إلى تحسين جودة التعليم، بما يواكب المستجدات العالمية؛ ويلبي احتياجات الطلبة وسوق العمل. ورغم الجهود المبذولة، إلاّ أن الوزارة تواجه تحديات تتمثل في تضخيم بعض الأحداث الفردية، مثل: حالات التنمر والعنف المدرسي، ما يُلقي بظلاله على الصورة العامة للقطاع التعليمي:
أولًا: أبرز الإصلاحات التربوية في الأردن
1. دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي
في خطوة تاريخية، قررت الحكومة الأردنية دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في وزارة واحدة تُعنى بتنمية الموارد البشرية. ويهدف هذا الدمج إلى توحيد الجهود، وتحقيق تكامل السياسات التعليمية من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى التعليم الجامعي. كما سيتم إنشاء «مجلس التعليم وتنمية الموارد البشرية» لرسم السياسات العامة للتعليم في جميع المراحل، مع تشكيل لجان فرعية متخصصة لضمان الحوكمة الفاعلة.
2. تقليص عدد مديريات التربية والتعليم
في إطار تحسين كفاءة الإدارة، سيتم تقليص عدد مديريات التربية والتعليم إلى 16 مديرية فقط، مع مراعاة التوزيع الجغرافي والكثافة السكانية. ويسهم هذا الإجراء في تحسين توجيه الموارد البشرية والمادية، وتعزيز الرقابة الإدارية والمالية.
3. تطوير البنية التحتية المدرسية
أطلقت الوزارة، بالشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، الخطة التشغيلية للبنية التحتية للمدارس للعامين: 2023-2024، والتي تهدف إلى:
• تحسين إدارة المدارس وتطوير قدرات العاملين.
• تقليل نسبة الاكتظاظ بين الطلبة.
• تقليل الاعتماد على المدارس المستأجرة، وتحقيق المساواة في توزيع الموارد التعليمية.
4. تعزيز التعليم المهني والتقني
شهد التعليم المهني في الأردن قفزة نوعية عبر إدخال نظام (BTEC) في 245 مدرسة، وإضافة تخصصات جديدة، مثل:
• الهندسة
• تكنولوجيا الأعمال
• السياحة والفن والتصميم
• الوسائط الإبداعية
ارتفع عدد المدارس المهنية إلى 310 مدارس، تخدم أكثر من 18,600 طالب وطالبة، في خطوة تهدف إلى تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة لسوق العمل.
5. تأهيل وتدريب المعلمين
تولي الوزارة أهمية كبيرة لتطوير المعلمين عبر برامج تدريبية مستدامة:
• تدريب قبل الخدمة، حيث التحق به 4010 معلمين بالتعاون مع أربع جامعات أردنية.
• تدريب أثناء الخدمة، يستهدف 8000 معلم، بالتعاون مع أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين.
6. إصلاحات امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) بحلّته الجديدة
تسعى وزارة التربية والتعليم إلى تطوير نظام امتحان الثانوية العامة ليصبح أكثر عدالة ومرونة، حيث تضمنت الإصلاحات الجديدة:
• تقليل عدد الأوراق الامتحانية لتخفيف الضغط النفسي عن الطلبة وتسهيل العملية الامتحانية.
• اعتماد بنوك الأسئلة لضمان تحقيق العدالة والموضوعية، حيث يتم إعداد الأسئلة بمستويات صعوبة متدرجة لتقييم قدرات الطلبة بشكل شامل.
• إدخال نظام الامتحانات على مدى عامين، مما يتيح للطلبة توزيع المواد والاختبارات، وبالتالي تحسين تحصيلهم العلمي.
• التحول إلى الامتحانات الإلكترونية، حيث تم تجهيز مختبرات الحاسوب في 500 مدرسة وتأهيل مركز امتحانات متخصص في مقر الوزارة، ما يسهم في سرعة التصحيح وتحقيق دقة أكبر في التقييم.
• إدخال اختبار الاستعداد المدرسي لتحديد مستوى جاهزية الطلبة منذ بداية المرحلة الأساسية، بهدف توفير الدعم المناسب لهم في مراحل مبكرة.
7. تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص
تعمل الوزارة على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتطوير التعليم والتدريب المهني والتقني، وتوفير فرص تدريبية للطلاب بما يتماشى مع احتياجات السوقَيْن: المحلي؛ والدولي.
ثانيًا: التحديات الفردية وتضخيم الأحداث السلبية
رغم الجهود الإصلاحية، إلاّ أن الوزارة تواجه تحديات متمثلة في حالات فردية يتم تضخيمها عبْر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى تشويه الجهود الإصلاحية وخلق انطباع سلبي عن النظام التعليمي.
1. التنمر والعنف المدرسي
تُعد قضايا التنمر والعنف في المدارس من التحديات التي تؤثر في البيئة التعليمية. وتشمل أبرز الحالات:
• التنمر اللفظي والجسدي: أشارت دراسات إلى تعرض الطلبة في المدارس الأردنية لأشكال مختلفة من التنمر، مثل: التنمر اللفظي المرتبط بالمظهر أو الخلفية الاجتماعية؛ والتنمر الجسدي مثل الضرب والمضايقات المتكررة.
• التنمر الإلكتروني: أظهرت دراسة أن 13.2% من الأطفال في الأردن تعرضوا للتنمر الإلكتروني، بينما تعرض 58.3% منهم للتنمر اللفظي داخل المدارس.
• العنف الجسدي: في حادثة مؤسفة، تعرض طفل لحرق أدى إلى إثارة جدل واسع، ما دفع المجلس الوطني لشؤون الأسرة إلى التدخل لمتابعة القضية.
2. جهود الوزارة في مواجهة العنف والتنمر
• إجراءات الانضباط المدرسي: شددت الوزارة على رفض جميع أشكال العنف المدرسي، ووضعت تعليمات صارمة للحد من الظاهرة.
• برامج التوعية والتدريب: نفذت الوزارة برامج بالشراكة مع منظمات دولية، مثل هيئة الإغاثة الدولية، لتمكين المعلمين من التعامل مع حالات التنمر والعنف المدرسي بطرق وقائية وعلاجية.
• تعزيز التشريعات لحماية الطلبة: ينص قانون حقوق الطفل الأردني (2022) على حظر كافة أشكال العنف في المدارس، بما في ذلك العقاب الجسدي أو الإهانة أو التنمر، مع فرض عقوبات على المخالفين.
3. تضخيم الأحداث الفردية إعلاميًا
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت بعض الحوادث الفردية تتصدر المشهد الإعلامي، ما يؤدي إلى تشويه صورة التعليم في الأردن. رغم أن بعض الحالات تتطلب معالجة فورية، فإن التركيز على السلبيات دون إبراز الإصلاحات يخلق انطباعًا غير دقيق عن واقع التعليم في البلاد.
ختاماً؛ تشهد المنظومة التعليمية في الأردن تحولًا جذريًا عبْر سلسلة من الإصلاحات الطموحة التي تهدف إلى تعزيز جودة التعليم، وتحقيق التوازن بين التعليم الأكاديمي والمهني، وتطوير البنية التحتية والمدرسية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر متمثّلًا في كيفية التعامل مع الأحداث الفردية السلبية، بحيث يتم معالجتها بطرق تربوية دون أن تطغى على الصورة العامة للإصلاح التعليمي.
ويتطلب تحقيق ذلك تعاونًا بين الوزارة والمجتمع المدني وأولياء الأمور ووسائل الإعلام؛ بهدف تعزيز الثقافة الإيجابية، ودعم الجهود الإصلاحية، وضمان بيئة تعليمية آمنة ومحفزة للأجيال المقبلة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-03-2025 11:20 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |