18-03-2025 12:58 PM
بقلم : المستشار محمد الملكاوي
في زمن أصبحت فيه "الكلمات" تتحوّل إلى "شرارات ورصاصات"، وتُشعل فيها "العبارات العابرة" في بعض وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي "حرائق" في قلوب المجتمعات ووجدان البشر، تأتي مواقف وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام، ووِحدِة مكافحة الجرائم الالكترونية كصمّام أمان، ليس فقط لضبط الأمن والأمان، ولكن أيضاً لحماية ما هو أثمن من ذلك، وهو "السلام المجتمعي" في الأردن، "وطن السلام" في إقليم ساخنٍ ومُلتهب.
لهذا فإن زيارة وزير الداخلية الباشا مازن الفرّاية، برفقة مدير الأمن العام اللواء عبيدالله باشا المعايطة، إلى وِحدِة مكافحة الجرائم الإلكترونية لم تكم مجرد جولة تفقدية روتينية، بل كانت تصريحاته فيها بمثابة إعلان موقف صارم من قِبل "الفرّاية"، بأن الأردن لن يكون ساحة لِمن يزرعون الفتن وخِطاب الكراهية والتطرّف، أو يعبثون بمستقبل أجياله عبر شاشات افتراضية تحوّلت إلى ميادين معارك فِكرية إلكترونية مُلوثة بالكراهية في بعض وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي.
ومن هذا المُنطلق فإني أقولها كرئيس لــ "وِحدِة ثقافة السلام في الشرق الأوسط" التي تُمثل العديد من مؤسسات المُجتمع المدني بأنه حينما يتم إحالة (244) قضية خِطاب كراهية إلى القضاء العام الماضي 2024، وأكثر من (50) قضية منذ بداية العام الجاري 2025، فإن هذه ليست مجرد أرقام اعتيادية، بل هي إنذارات خطر تُدقّ في ضمير المجتمع الأردني، وأنها تذكير بأن الحرب القادمة ليست فقط حرب على الحدود أو عِبر الحدود التي يحميها رجال قواتنا المُسلّحة البواسل، بل هي أيضاً في بعض العقول المريضة، وذلك من خِلال المنشورات والتغريدات في التعليقات في بعض وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي التي قد تبدو عابرة للكثيرين، ولكنها تُخلِّف شروخاً يصعُب التئامها في المجتمع.
إننا في "وِحدِة ثقافة السلام في الشرق الأوسط"، لا نرى في هذه الجهود التي يبذلها الباشا مازن الفراية وطاقم وزارة الداخلية، واللواء عبيدالله باشا المعايطة وأجهزة وأدارات الأمن العام هي مجرّد جهودٍ وقرارات تنفيذية فحسب، بل نرى أنها تُمثّل مشروعاً فكرياً وطنياً لحماية الأردن من أن يصبح رهينة لخِطاب مسموم يُحوّل الاختلاف إلى صراع، والتعددية إلى تهديد. وهنا، لا يكفي العِقاب وحده، بل نحتاج إلى "جبهة وعي وطنية" داخلية قوية تقف مع جبهة سيادة القانون، بحيث تقوم هذه الجبهة بتسليح المواطنين بالفِكر الآمن والأمين، مثلما يُسلَّح المُتطرفون بالكراهية.
ونؤكد في "وِحدِة ثقافة السلام في الشرق الأوسط" بأن الجهود التي تبذلها وِحدِة مكافحة الجرائم الإلكترونية، ليست مجرد تطبيق للقانون، بل هي سدٌّ يحمي نسيجنا الاجتماعي الأردن من خطر التطرّف وخطاب الكراهية، وعليه، فإننا نثمّن هذا الدور الحيوي للعيون الساهرة في هذه الوِحدِة وفي كل الأجهزة الأمنية، ونؤكد على أن مواجهة خِطاب الكراهية والتطرّف، لا ينبغي أن تقتصر على المُلاحقة الأمنية فقط، بل يجب أن تمتد إلى ميدان التربية والتعليم والإعلام، وإلى المناهج المدرسية والجامعية، وكذلك إلى "المنابر" التي تصوغ فِكر الأجيال، ووصولاً إلى مبادرات المُجتمع المدني، الذي نحن جزء منه.
وهذه فرصة في هذه المناسبة أن نُشيد أيضاً في "وِحدةِ ثقافة السلام في الشرق الأوسط" بالجهود التي يبذلها "مركز السِلم المجتمعي" التابع لمديرية الأمن العام، لأنه يعمل على ترسيخ السِلم المجتمعي، خاصة من خلال مبادرات ريادية تصل إلى الشباب والفتيان والأطفال في المدارس والجامعات، ومختلف القطاعات، ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، باعتبار الشباب والفتيان والأطفال يُمثلون حوالي ثلاثة أرباع المُجتمع المدني.
وعليه، نُحيّي هذه العزيمة الماثلة أمامنا في قلب ووجدان الباشا مازن الفرّاية وفي جهود اللواء عبيدالله باشا المعايطة، وفي حُماة الوطن في وِحدِة مُكافحة الجرائم الالكترونية، ليس فقط لأنها تواجه خطاب الكراهية والتطرّف كواجب مهنيٍ فحسب، بل لأنها تفعل ذلك بفهم وطني عميق لما يعنيه أن تكون الدولة أكبر من الكلمات المُحرِّضة، وأعمق من الاستقطاب، وأقوى من محاولة جرفها إلى مستنقعات الفوضى، كما يحدث بكل أسف في العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، والتي دفعت ثمناً باهضاً بسبب الإرهاب والتطرّف والكراهية، وأصبح "السلاح" في أيدي الإرهابيين والمُتطرّفين فيها هو "القاضي والجلاّد"، وأصبحت قيّمة الإنسان هناك لا تزيد عن ثمن الرصاصة التي تُطلق عليه.
لكم منا كل التقدير والاحترام على جهودكم الوطنية الصادقة في وزارة الداخلية وفي مديرية الأمن بشكل عام، وفي وِحدِة مكافحة الجرائم الالكترونية بشكل خاص، مع تأكيدنا بأن "وِحدِة ثقافة السلام في الشرق الأوسط" ستكون دائماً وأبداً شريكاً في بناء حِصن الوعي الوطني الأردني، وحصن الأمن والأمان والاستقرار، لأن الأردن هو الأنموذج الأفضل والأميّز في بناء السلام والأمن والأمان والاستقرار في المنطقة بفضل قيادته الحكيمة، وبفضل أجهزته الأمنية كافة، وبفضل الأردنيين الذين يدركوا بأن الأمن والأمان والاستقرار هو رأسمال الأردن الأول والأخير.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-03-2025 12:58 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |