حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,19 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3994

د. ميسون تليلان تكتب: كرامة المواطن والعدالة التنموية: قراءة في موقع الأردن العالمي

د. ميسون تليلان تكتب: كرامة المواطن والعدالة التنموية: قراءة في موقع الأردن العالمي

د. ميسون تليلان تكتب: كرامة المواطن والعدالة التنموية: قراءة في موقع الأردن العالمي

19-03-2025 09:47 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ميسون تليلان
يشكل تقرير التنمية البشرية 2023/2024 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي حمل عنوان «الخروج من المأزق: إعادة تصور التعاون في عالم منقسم»، وثيقة دولية بالغة الأهمية تختبر قدرة الدول على تحويل الأزمات إلى فرص، والنمو إلى عدالة، في عالم تتزايد فيه التفاوتات ويتراجع فيه التنسيق العالمي وبهذا، فإن قراءة موقع الأردن في هذا التقرير تفتح باب التأمل الجاد في مسار الدولة التنموي، لا من زاوية الأرقام فحسب، بل كدولة تسعى إلى أنسنة التنمية وترسيخ الكرامة الإنسانية كأولوية وطنية.

وقد جاء الأردن بحسب التقرير في المرتبة 99 من أصل 193 دولة، محققاً قيمة 0.736 في مؤشر التنمية البشرية، ضمن فئة التنمية البشرية العالية. هذا التصنيف، رغم إيجابيته الظاهرة، يستبطن دلالات تستحق التأمل؛ إذ أن ارتفاع المؤشر بنسبة 18.3% منذ عام 1990 لم يكن نمواً اعتباطياً، بل حصيلة تراكم وطني في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية. إلا أن التحدي الذي يلوح اليوم لا يكمن في معدل النمو، بل في ضمان عدالته وشموليته.

يحظى الأردن بتقدير دولي في فاعلية شبكات الحماية الاجتماعية، إذ سجل واحدة من أدنى نسب الفقر المتعدد الأبعاد عالمياً (0.002). غير أن التحدي يتجلى في انخفاض قيمة المؤشر بنسبة 16.4% عند احتساب عدم المساواة في توزيع مكتسبات التنمية. هذه الفجوة هي مؤشر يستدعي التأمل في مدى اتساق السياسات التنموية مع أهداف العدالة الاجتماعية، ويطرح تساؤلات حول كفاءة آليات التوزيع.

أما في محور النوع الاجتماعي، فقد احتل الأردن المرتبة 111 من 166 دولة في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين (GII)، محققاً قيمة 0.449. ويُظهر هذا التصنيف أن مكاسب التعليم والصحة كانت لافتة، في حين ما زالت المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة بحاجة إلى رؤية منهجية تعزز دورها الفاعل، انطلاقاً من كونها شريكاً في الإنتاج لا عنواناً للتمكين فقط.

عنوان التقرير «الخروج من المأزق» يلامس بعمق الواقع الأردني. فالمملكة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، أمام فرصة استراتيجية لإعادة هيكلة المسار التنموي نحو مرحلة جديدة تتجاوز النمو الكمي إلى جودة شاملة في التنمية. لم تعد المسألة في موقع الأردن ضمن الترتيب، بل في قدرته على أن يصنع نموذجاً إقليميًا يحتذى به في التوازن بين الكفاءة والعدالة.

إن تبني منظور وطني جديد يجعل من العدالة التنموية جوهر السياسات، ويوجه الموارد نحو تعزيز الإنتاجية البشرية، سيكون كفيلاً بتعزيز مكانة الأردن كدولة تتقدم بثبات نحو نهضة مستدامة. فالاستثمار في الإنسان الأردني، وفي قدراته الكامنة، يمثل الخيار الاستراتيجي الأعمق لبناء مستقبل يُقاس بوزن الإنجاز لا بحجم الموارد.

وفي هذا السياق، فإن ما ورد في خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني: «كرامة المواطن هي مقياس نجاح الدولة»، يشكل مرجعية أخلاقية ورؤية تنموية سامية. وهو دعوة لأن تكون العدالة في صلب التخطيط، لا هدفاً بعيد المنال. فحين تكون العدالة نهجًا تصبح التنمية راسخة ومستدامة.

ختاماً، فإن الرسالة التي يحملها تقرير التنمية لهذا العام، تؤكد أن الدول التي تمتلك الإرادة وحكمة الإدارة تستطيع تخطي المآزق. والأردن بما يمتلكه من رصيد قيادي ورؤية ملكية ناضجة، مؤهل لأن يكتب فصلاً جديداً في مسيرة التنمية، عنوانه العدل والتمكين والريادة.


الرأي











طباعة
  • المشاهدات: 3994
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-03-2025 09:47 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل توسع واشنطن نطاق ضرباتها على الحوثيين لتشمل استهداف مواقع إيرانية بشكل مباشر؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم