20-03-2025 10:10 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
في 19 نيسان 1921م، في زمنٍ كانت فيه تتقلب المنطقة بين خطوطٍ حمرٍ وأخرى بلونٍ أزرق، وتتقاسمها قوى الانتداب، زار صحفي فذ الأردن، وكتب في جريدة فلسطين تقريراً يشرح الحاضر آنذاك، ويتوقع تشييد بنيان هذا البلد.
في هذا التقرير المنشور في جريدة فلسطين، وهو من الوثائق التي تشرح الحال في بلادنا بعدما انهارت الامبراطورية العثمانية، ووجه الفرنسيون ضربة رويداء للحلم العربي، حيث المملكة السورية، يحكي الراوي بعضاً من قصة الأردن.
ويقول إنه هذه البقعة أي الأردن، دخلت في زوايا النسيان، رغم دورها في الحروب الصليبية، ثم تعود تابعة لولاية سوريا مرتبطة بها في تجارتها وإدارتها وسياستها، ولكن مناطق انفردت كل منها بشؤونها.
طاف كاتب التقرير في أرجاء جرش وإربد، وعمان، والبلقاء والكرك، ورأى في هذه المناطق بأنها «أكثر موردًا، وأنمى ثروة، وأفضل أمناً»، وأن قبائلها استبدلت الوبر بالمدر، وأدركت أهمية استثمار الأرض.
ويقول إن تعدد البطون والعشائر في البلقاء وعجلون والكرك، اضطر السكان مدنها وسهولها وجبالها، بإجادة الرمي واقتناء عزيز السلاح، فكثر عدد القادرين على القتال في الأنحاء، ويبرهن على قوله بإحصائية من عدد المسلحين لكل قبيلة.
فيورد، القائمة مسجلاً اسم القبيلة، وعدد مسلحيها، حيث إن بني صخر (2000 مسلح) وبني عدوان (1000 مسلح)، والعجارمة (700 مسلح)، وبني حسن (5000 مسلح) والغنيمات (1000 مسلح) وبني عباد (2500 مسلح)، والحديد (1000 مسلح) والسلط (2500 مسلح)، ويحصي في عمان خمسمئة مسلح، ولبني حميدة 3000 مسلح، وفي الحصن نحو 500 مسلح، بمجموع يقدر بنحو عشرين ألف مسلح.
ويقدر عدد القوة الجاهزة للقتال في بلادنا بنحو خمسين ألفاً، ويعتبر أن هذه القوة وأهل البلاد كانوا لمنع التفرقة بينهم ينشدون حكماً هاشمياً، قائلا «ولا مراء بأن أمراء الأسرة الحسينية الهاشمية، هم وحدهم الذين يمكنهم جمع الكلمة المتفرقة، والتأليف بين قريب العشائر وبعيدها، وإنما ظهر هذا الأمر جلياً في موقف الأمير عبدالله حين وصل إلى معان..».
ويؤكد أن أهل هذه البلاد لا يحجمون عن الجهر بأنها لن تؤدي ما عليها إلا للأمير، «فليحضر الأمير، أو يبعث بنائب عنه، ننضم إلى لوائه وتأدية كل ما يطلب.. هكذا اقتضت طبيعة البلاد أن يرأس سمو الأمير عبدالله حكومة شرقي الأردن».
هذه البيعة للهاشمييين، وبواكيرها الأولى يرى فيها أنها قوة للأردن، بعد جمع كلمة أهله، خاصة أن «موقع هذه البلاد الجغرافي وتوسطها بين دومة الجندل المتصلة بالعراق، ومعان وهي باب الحجاز، وتهامة وحوران، وما ورائه إلى الشمال، وفلسطين المجاورة لشرق الأردن إلى الغرب، يساعد على تجديد عهد المدنية وتوسيع التجارة، وامتداد الخطوط الحديدية في مسالكها وشعابها المترامية الأطراف الغنية التربة يكثر سكانها ويقوي عصبيتها القومية، ويتسع عمرنها.. للسير إلى الأمام ونهضتها المأمولة».
ويكاد يجزم هذا الصحفي الفذ بأن الأردن، وبعد أن يشخص حالته السكانية والجغرافية، والوجدانية حتى، سيذلل الصعاب.. خاصة وأن السطور هذه كتبت بالتزامن مع فترة لقاء الملك عبدالله المؤسس (الأمير آنذاك) والوزير البريطاني تشرشل، مؤكداً على ثقته بمتانة الأمير وكريم أخلاقة، ليصل في هذا البلد ليكون الدعامة الأولى وأقرب إلى ما تطلبه الأمة وتصبو إليه.
لقد شكل الأردن، ومنذ اللحظة الأولى، حالة عروبية حملت معدناً نقياً بشجاعة وسجايا أهلها، وبكريم وشرعية قيادتها منذ الملك المؤسس طيب الله ثراه، وعلى مدار عقودٍ من حكم ملوك بني هاشم، فكان الأردن هاشمياً عزيزاً، وكما أراده له محبوه، والمخلصون للأمة، هو البنيان القوي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2025 10:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |