20-03-2025 01:18 PM
بقلم : د. محمود ابو عويضة
شهدت الانتخابات النيابية الأخيرة في الأردن استمرارًا لهيمنة النمط الفردي في التصويت، مما انعكس على تمثيل الأحزاب السياسية تحت قبة البرلمان. ورغم الجهود الرامية إلى تعزيز دور الأحزاب في الحياة السياسية، لا تزال التحديات قائمة، مما يطرح تساؤلًا حول كيف يمكن لقانون الإدارة المحلية المنوي إقراره أن يسهم في تعميق التجربة الحزبية في الأردن؟
يُعد الإصلاح الإداري والسياسي من المحاور الأساسية لتعزيز دور الأحزاب في الحوكمة المحلية والوطنية، ويأتي قانون الإدارة المحلية الجديد كفرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي من خلال تمكين الأحزاب من ممارسة دور أكثر فاعلية على مستوى المحافظات والبلديات، مما قد ينعكس إيجابيًا على الأداء الحزبي في الانتخابات النيابية المقبلة. فإذا منح القانون الجديد الأحزاب فرصة للمشاركة الفعالة في الانتخابات المحلية، عبر تخصيص نسبة من المقاعد للقوائم الحزبية أو تقديم حوافز تشجيعية لها، فإن ذلك سيسهم في تعزيز دور الأحزاب في الحياة السياسية، ويدفعها إلى تطوير برامج تنموية حقيقية بدلًا من الاعتماد على الشخصيات الفردية في كسب التأييد الشعبي.
ورغم أهمية هذه الإصلاحات، إلا أن أحد التحديات الكبرى التي تعيق تطور الحياة الحزبية في الأردن يتمثل في ضعف انخراط الشارع الأردني في العمل الحزبي، حيث ما زال هناك عزوف عام عن الانضمام إلى الأحزاب السياسية والمشاركة الفاعلة في أنشطتها. هذا العزوف يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الإرث التاريخي المرتبط بالنظرة السلبية للأحزاب، وضعف ثقة المواطنين بقدرة الأحزاب على إحداث تغيير حقيقي، فضلًا عن غياب برامج واضحة لدى العديد من الأحزاب تعكس أولويات المواطنين واحتياجاتهم. كما أن التجربة السياسية السابقة أظهرت أن الأحزاب لم تتمكن بعد من بناء قاعدة شعبية واسعة، مما جعل تأثيرها في الانتخابات النيابية محدودًا.
في هذا السياق، يمكن لقانون الإدارة المحلية أن يلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل العلاقة بين المواطن والأحزاب السياسية، من خلال تمكين الأحزاب من التفاعل المباشر مع المجتمعات المحلية عبر المجالس المنتخبة. فإذا أصبحت الأحزاب قادرة على تقديم حلول عملية للمشكلات اليومية التي تواجه المواطنين، فإن ذلك قد يسهم في استعادة ثقة الشارع بها، ويدفع نحو انخراط أوسع في العمل الحزبي. كما أن نجاح الأحزاب في الحكم المحلي سيعزز من مكانتها على المستوى الوطني، مما يجعلها أكثر قدرة على استقطاب أعضاء جدد والمنافسة في الانتخابات النيابية ببرامج أثبتت فاعليتها على أرض الواقع.
إن تعزيز الحضور الحزبي في المجالس المحلية من شأنه أيضًا أن يسهم في بناء ثقافة سياسية أكثر نضجًا، حيث ستصبح الأحزاب جزءًا من العملية التنموية، وليس مجرد كيانات تسعى للوصول إلى السلطة. ومن خلال زيادة الوعي بأهمية العمل الحزبي وربط الأداء السياسي بالإنجازات الفعلية على المستوى المحلي، يمكن خلق بيئة أكثر جاذبية لانخراط المواطنين في الأحزاب، ما يعزز من حيوية المشهد الديمقراطي في الأردن.
إذا تم تضمين آليات داعمة للحياة الحزبية في قانون الإدارة المحلية، فقد يصبح هذا القانون أداة لتعزيز تجربة حزبية أكثر نضجًا، بحيث تتحول الانتخابات المحلية إلى مختبر سياسي يمكن من خلاله للأحزاب بناء قواعدها الجماهيرية، وإعداد كوادرها، وتقديم برامجها، تمهيدًا لزيادة تأثيرها في الانتخابات النيابية المستقبلية. بهذا الشكل، يمكن لقانون الإدارة المحلية أن يكون ركيزة أساسية في تطوير الحياة الحزبية في الأردن، وتعزيز التحول نحو ديمقراطية أكثر استقرارًا وفعالية.
بقلم الدكتور محمود عبدالكريم ابوعويضة عضو مجلس محافظة المفرق
دكتور العلوم السياسية
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2025 01:18 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |