20-03-2025 01:27 PM
بقلم : الدكتور ايمن الزيود
رمضان… وقت المغرب… لحظة يلتف فيها الجميع حول المائدة، تسبقها همسات الأمهات وهنّ يضعن الأطباق بحب، ونظرات الآباء وهم يرقبون أولادهم بشغف، كأن كل لقمة هي طمأنينة تسري في قلوبهم.
لكن هنا… في دار المسنين، تختلف المائدة. الطاولة ممتلئة، والطعام وفير، لكن الكراسي فارغة من الأحبة، والمكان موحش رغم ضجيجه. جلسوا بصمت، يحدقون في الأطباق كأنها غريبة عنهم، وكأنهم ينتظرون صوتًا اعتادوا عليه، أحدهم يقول: "رمضان كريم يا أبي… كل عام وأنت بخير يا أمي." لكن لا أحد يقولها. لا أحد يطرق الباب على عجل، لا أحد يجلس بجوارهم ويملأ المجلس ضحكًا وأحاديثًا لا تنتهي.
كانوا يومًا لا يفطرون إلا بعد أن يطمئنوا أن صغارهم قد شبعوا، كانوا لا يشربون جرعة الماء الأولى إلا بعد أن يسمعوا صوت ارتواء أولادهم. واليوم، ارتوت حلوقهم، لكن قلوبهم ظمأى. اليوم، أكلوا لأنهم مجبرون، ليس لأنهم جائعون.
الأبناء الذين كانوا يملأون المائدة غابوا، لكنهم لم يغبوا عن الدنيا، فقط ابتعدوا، فقط انشغلوا… فقط نسوا أن هناك من ينتظرهم في كل غروب. اليوم، جاء بعضهم على عجالة، جلسوا لدقائق، تحدثوا بكلمات مقتضبة، ثم انصرفوا، فقد تركوا وراءهم أبناءً ينتظرونهم في مكان آخر.
لكن… كما عدت اليوم لتكسر العتب، سيعودون إليك غدًا بنفس الخطى الباردة… أو ربما لا يعودون أبدًا.
الدكتور ايمن الزيود
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2025 01:27 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |