24-03-2025 09:40 AM
بقلم : نضال منصور
منذ الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في العاشر من شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي والحراك الحزبي يكاد أن يتلاشى، معظم الأحزاب التي ملأت الفضاء العام تنظيرا لا حس لها الآن، والنواب الذين فازوا تحت يافطات حزبية بالكاد يذكرونها في المناسبات.
واقع الحال إذا ما استثنينا نواب حزب جبهة العمل الإسلامي الذين يتحركون بشكل مؤسسي، فإن البرلمان الحالي الذي يضم أغلبية حزبية حتى ولو بالاسم لا يختلف جذريا في أدائه عن مجالس النواب التي جاءت من قبل، وواقع الحال أنني لا أشعر بمرجعيات حزبية تحرك، وتقود النواب أعضاء الأحزاب، ولم أسمع أن قيادات الأحزاب خارج القبة تقول إن نوابنا سيذهبون إلى حجب الثقة، أو هذه تصوراتنا للموازنة، حتى أنني سمعت من نواب حزبيين أن موقفهم من الثقة بحكومة الدكتور جعفر حسان ترك القرار لهم في الحجب، أو المنح، او الامتناع، وهذا أغرب ما سمعت، فإن لم يكن للحزب موقف في معركة الثقة تحت قبة مجلس النواب فمتى سيكون له دور، وكلمة؟
بعد الانتخابات سكنت عاصفة الحياة الحزبية، وانتقلت لغرفة الإنعاش، وطفت على السطح العديد من المثالب، والعيوب، وبدأ بعض الحزبيين بنشر غسيل أحزابهم، وصارت بعض الأحزاب في مهب الريح، وبات مشروع الإصلاح والتحديث السياسي في خطر، ومن باعوا الأوهام للدولة عن بناء أحزاب وطنية عابرة للحدود المناطقية، والعشائرية تبين سذاجة طرحهم، وعصفت الشكوك بوعودهم، وثبت بالدليل أن العديد من الأحزاب صارت ملاذا جديدا لرجال الأعمال، والأثرياء لخطف السلطة، والنفوذ، وإنهم بمالهم كانت لهم الأولوية لأخذ المقاعد الأولى في قوائم الأحزاب، وما عاد همسًا الكلام عن أسعار شراء المقاعد الأولى في القوائم الحزبية!
بعد 6 أشهر على الانتخابات لم أعد أسمع وخاصة من أحزاب الوسط التي شكلت ائتلاف أغلبية تحت قبة مجلس النواب، رؤيتها مثلا لموضوع تعليق، ووقف المساعدات الأميركية للأردن، لم أجد تصورا لهم كيف سيعملون لتطبيق برنامجهم الحزبي، وقيادات الأحزاب الذين انضموا وزراء في الحكومة من الواضح أنهم اختيروا بصفاتهم الشخصية، وليس الحزبية، وما عادوا صوتا للحزب في الحكومة، ولا أعتقد أن البرامج التي صاغوها في أحزابهم هاديا لهم في العمل الوزاري؟
هل سمعتم أن الأحزاب لديها حكومة ظل، ترصد ما يحدث، وتتأهب في الملمات، وتفرض على الحكومة التراجع عن توجهات بعينها لا تتفق مع رؤية الحزب؟، هل قرأتم موقفا للأحزاب بعد عودة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، فالواقع، ما يسود هو الصمت، وحتى المراجعات لما حدث في الانتخابات بعد أن أشبعونا تنجيما بعدد المقاعد التي سيحصدونها لم تحدث، ولم يقولوا هل أخفقوا أم نجحوا، فإن فشلوا لماذا لا يزالون يتبوؤون سدة القيادة، ومن قام بهذه المراجعات كانوا حالات حزبية نادرة؟
ما أسمعه الآن على لسان قيادات حزبية أن اندماجات حزبية في الطريق قريبا لترميم المشهد، مثلا؛ يقال إن حزبي إرادة وتقدم سيندمجان، وقيل لي أيضا إن كل الأحزاب الوسطية الأخرى التي نجحت بحصد مقعد أو اثنين أو ثلاثة في البرلمان ستندمج هي الأخرى تحت مظلة حزب وسطي واحد يمتلك الموارد للإنفاق عليها جميعا، وبالتالي سيتم تجميع أحزاب الوسط المتناثرة تحت 3 يافطات، وهذا جيد، وخطوة إيجابية، وما يجب الحذر منه أن الولادات يجب أن تكون طبيعية، وليست قيصرية، فبناء الأحزاب لا يصنع في ليلة وضحاها في (طنجرة الضغط)، والأموال وحدها لا تبني حزبا، وأيضا الرعاية، والدلال من مرجعيات الدولة لحزب ما، لا تجعله قائدا عند الشعب، ومؤثرا في توجهات الشارع.
آخر الملاحظات الجديرة بالاهتمام أن تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يعكفون على صياغته حاليا، قد يغير الصيغ القديمة للعمل البرلماني، ويعطي زخما ولو محدودا للأحزاب وقيادتها في العمل البرلماني، ولكن بالتأكيد تعديل النظام لن يصنع أقداما لأحزاب ولدت كسيحة.
ربما ليس الآن، ولكن قبيل الانتخابات القادمة بعام ستكون المراجعات في أروقة الدولة قد حسمت التوجهات في مسار الانتخابات القادمة، والحالة الحزبية برمتها، والأسئلة المقلقة عديدة ومنها؛ هل سنبقى على ذات قانون الانتخاب، وهل سنمضي في أن يكون للقائمة الحزبية العامة 50 % من مقاعد مجلس النواب، هذه الأسئلة وأخرى سيكون أمامها مخاض طويل، وشاق؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-03-2025 09:40 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |