حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,26 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4403

ماهر أبو طير يكتب: ليسوا خونة

ماهر أبو طير يكتب: ليسوا خونة

ماهر أبو طير يكتب: ليسوا خونة

25-03-2025 10:53 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : ماهر أبو طير
ملياران من العرب والمسلمين، تخلى أغلبهم عن الغزيين خلال حرب دموية، إلا من رحم ربي منهم، وحين يتم تهجيرهم غدا، سيقوم المتفرجون بتخوينهم.

نعم هذه هي الحقيقة المؤلمة، إذ منذ حرب السابع من أكتوبر تعرّض الشعب الفلسطيني إلى مذابح دموية هدمت كل بنيان، وكل مستشفى، ومدرسة، وجامعة، وشارع، ولم تترك شيئا، وتم تجويع الناس، وقتل عشرات الآلاف، وجرح مئات الآلاف، وكنا نقول إن المستهدف ليس تنظيما عسكريا، بل المستهدف هو الوجود الديموغرافي الفلسطيني، في سياقات مخطط التهجير، المقرر مسبقا، قبل حرب السابع من أكتوبر، ولا يعقل أن تدمر مليونين وربع مليون شخص من أجل تنظيم عسكري، بقدر كون إسرائيل تريد التخلص من الوجود الفلسطيني في كل مكان.


من التهديد بالتهجير إلى الأردن ومصر، وصولا إلى الصومال والسودان، مرورا بدول ثانية، والرئيس الأميركي ذاته دخل على مخطط التهجير بشكل متدرج، وكانت آخر تصريحاته تقول صراحة إنه لن يخرج أحد من غزة بشكل إجباري.
معنى الكلام أنه لم يتخلَ عن التهجير، لكن دون تهجير إجباري أو قسري، بل من خلال الهجرة الطوعية، وإسرائيل تعلن عن إنشاء مديرية خاصة لتهجير فلسطينيي غزة، وسط توقعات إسرائيلية بأن يهاجر أكثر من أربعين بالمائة من أهل غزة، بعد أن فقدوا كل شيء، وخسروا حياتهم واقتصادهم وعائلاتهم، وهذا يفسر صناعة الظروف الطاردة للحياة في القطاع، تمهيدا لمخطط الهجرة الطوعية نهاية المطاف.
هل أبناء غزة أمام اختبار لدينهم ووطنيتهم وقوميتهم، من خلال رصدنا لهم وهل سيبقون في القطاع، أو سيخرجون عند أول فرصة للنجاة، وهل يحق لنا امتحانهم وتوزيع شهادات الوطنية وحسن السلوك عليهم، خصوصا، أن أغلب العرب والمسلمين ارتاحوا إلى أحد أمرين: الأول، إما تخوين حماس واتهامها بكونها المتسبب، وبالتالي هي التي تتحمل المسؤولية، دون إدراك لسياقات الاحتلال ذاته، ومخططاته، حتى بدون ضربة السابع من أكتوبر. والثاني، الترقب لتوزيع الاتهامات واتهام شعب دفع كل هذا الثمن، بكونه خائنا إذا خرج، وهذه طريقة عربية معروفة، تريح ضمير الذي يتهم، وتجعله في صورة الذي يقول إنهم لا يستحقون الحياة، ولا فلسطين، وإنهم هربوا عند أول مناسبة، وصعدوا الطائرات والسفن، في سياق سردية إسرائيلية منذ عام 1948 تريد تقديم الفلسطيني بصورة الجبان الهارب.
ليس من حق أحد من أمّة المليارين توزيع الشهادات عن بعد، ولا وضع الغزيين في امتحانات جديدة، بعد كل الدم الذي دفعوه، وبعد تفرج أغلب العرب والمسلمين عليهم، وقد نرى ضعفا إنسانيا رأيناه في كل شعوب العالم، من الأوكران وصولا إلى السوريين، وغيرهم، في حالات الحرب، وهذا يعني أننا قد نرى بعض أهل غزة يخرجون بسبب المأساة التي يعيشونها، ولحظتها سيركز الإعلام الإسرائيلي والعربي والدولي على بدايات الخروج، لتشجيع غيرهم للخروج، ولطعن ظهر الفلسطينيين في قطاع غزة وتشويه سمعتهم، وتصنيع نفور ضدهم، لكونهم لم يبقوا في بلادهم، وهذه القلة القليلة التي ستخرج سيتم استثمار خروجها في محاولة لشطب صورة غزة كأيقونة فلسطينية، قدمت درسا، لا يحتمل بقية العرب والمسلمين، ربع كلفته التي رأيناها.
أهل غزة في أغلبهم لن يخرجوا، لكن الواضح أن المؤامرة أكبر بكثير من السابع من أكتوبر، وما تلاها من ظروف، هي مؤامرة التخلص من سبعة ملايين فلسطيني في داخل فلسطين التاريخية، لكن بعضنا للأسف يصرّ على القراءة بطريقة غير أخلاقية، وبدلا من التعاطف مع الضحية، سيتم جلد الضحية، وقد كان بالإمكان منع إسرائيل من فعل كل هذا، ومن الوصول إلى حواف مخطط التهجير الطوعي.
لا بد من تدخل كبير وفاعل لمنع الدول من استقبال الفلسطينيين، لأن المؤكد أن إنشاء إدارة للهجرة يعني أننا سنسمع قريبا عن مبادرات لدول ومؤسسات دولية تعلن استعدادها لاستضافة فلسطينيين، وهذا يعني أن مخططا جديدا للتشريد في طريقه إلى التنفيذ، فيما سنكتفي نحن بمد ألسنتنا بوجود الغزيين، ونتهمهم بكونهم خونة لكونهم خرجوا ولم يصمدوا، داخل هذه الأفران، التي لم يحاول أحد إطفاءها.
ليسوا خونة ولن يكونوا، وليكفهم الناس شرّ الكلام، أو ليتقدموا ويؤدوا واجبهم الوطني والأخلاقي والديني، تجاه جزء مبتلى من أبناء أمتهم.











طباعة
  • المشاهدات: 4403
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-03-2025 10:53 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل توسع واشنطن نطاق ضرباتها على الحوثيين لتشمل استهداف مواقع إيرانية بشكل مباشر؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم