بقلم : سارة طالب السهيل
في شهر المرأة، شهر مارس الذي يزهو بأيامه الاحتفالية بالمرأة، نجد أنفسنا أمام فرصة ذهبية للتأمل في دورها العظيم عبر العصور. المرأة التي كتب عنها الكثير في ميادين الحياة المختلفة، من حقوقها وتمكينها، إلى كفاحها ونضالها في العمل والبيت والسياسة والأدب. المرأة التي كانت أم الشهيد، وأرملة الأبطال، والتي وقفت شامخة في ميادين الحرب والحرية، تاركةً بصماتها الواضحة على صفحات التاريخ.

شاعرات في صدر الإسلام:

صفيةُ بنت عبد المطلب الهاشمية عمّة النبي صلى الله عليه وسلم.

التي قالت في رثائه:

لهف نفسي! وبت كالمسلوب أرق الليل فعلة المحروب! من هموم وحشرة ردفتني ليت أني سقيتها بشعوب! حين قالوا: إن الرسول قد أمسى وافقته منية المكتوب! حين جئنا لآل بيت محمدٍ فأشاب القذال أي مشيب

- هند بنت عتبة: هي شاعرة من العصر الجاهلي، عُرفت بقصائدها التي تعبر عن الفخر كانت تتمتع بشخصية قوية، وقد استخدمت شعرها كوسيلة للتعبير عن اعتزازها بنفسها.

المرأة في الشعر الأموي

في العصر الأموي، كان الشعر يعكس التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي شهدتها الدولة الأموية. وقد تنوعت أغراض الشعر في هذا العصر، حيث شملت الغزل والرثاء والفخر والهجاء والحكمة، بالإضافة إلى الشعر السياسي الذي كان يعبر عن الصراعات بين القبائل والأحزاب. وكانت المرأة حاضرة بقوة في هذا الشعر، سواء كموضوع للشعر أو كشاعرة.

الشاعرات في العصر الأموي

أم البنين: هي فاطمة بنت حزام الكلابية، زوجة الإمام علي بن أبي طالب وأم ولديه عباس وعبد الله. اشتهرت بوفائها وشجاعتها، خاصة بعد استشهاد أبنائها في معركة كربلاء. رغم أنها لم تكن شاعرة معروفة وقتها، إلا أنها كانت تقول المرثيات في أولادها وقد كان مروان بن الحكم يجيء في مَن يجيء، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي.

- سكينة بنت الحسين: ابنة الإمام الحسين، حفيدة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت شاعرة معروفة في العصر الأموي، وقد كتبت شعراً يعبر عن مشاعرها وأفكارها. وكانت أول من عمل تجمعا ثقافيا أدبيا فكريا وبما يسمى في وقتنا الحالي صالون ثقافياً.

حميدة بنت النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي: هي شاعرة دمشقية من العصر الأموي، تنحدر من أصل مدني، حيث كان أبوها النعمان بن بشير والياً على حمص في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. اشتهرت حميدة بفصاحتها وشعرها الجريء، خاصة في الهجاء، حيث هجت زوجها الأول المهاجر بن عبدالله بن خالد بعد طلاقها منه بأبيات لاذعة تعبر فيها عن استهجانها لتصرفاته. تزوجت بعد ذلك الحارث بن خالد المخزومي، ثم روح بن زنباع، وكانت لها معهما مساجلات شعرية تعكس مكانتها الأدبية وقدرتها على التفاعل مع الأحداث. أخيراً، تزوجت فيض بن محمد بن?الحكم بن أبي عقيل الثقفي، الذي أحبته وأنجبت منه ابنة تزوجت الحجاج بن يوسف. تُعد حميدة من الشاعرات البارزات في العصر الأموي، حيث تميز شعرها بالجرأة والقوة، خاصة في التعبير عن مشاعرها ورأيها بحرية. توفيت في الشام في أواخر ولاية عبد الملك بن مروان، تاركةً إرثاً أدبياً يعكس شخصيتها القوية ومهارتها الشعرية.

خصائص الشعر في العصر الأموي:

الغزل: تميز شعر الغزل في العصر الأموي بالجرأة والواقعية. من أبرز شعراء الغزلان الرجال في العصر الأموي:

عمر بن أبي ربيعة: من أشهر شعراء الغزل في العصر الأموي، ويُعتبر من رواد الشعر العاطفي الذي تميز بالرقة والعذوبة. من أشهر قصائده تلك التي يعبر فيها عن مشاعره، وغزله العفيف الذي يمتزج بالوصف الدقيق للمشاعر.

الرثاء: كان الرثاء من الأغراض الشعرية البارزة في العصر الأموي، حيث رثى الشعراء أحباءهم وأقاربهم. من أبرز الأمثلة:

الخنساء: رغم أنها عاشت في العصر الجاهلي، إلا أن تأثيرها استمر في العصر الأموي، حيث كانت ترثي أبناءها الذين استشهدوا في معارك الفتوحات الإسلامية.

الفخر: كان شعر الفخر يعبر عن فخر الشعراء بقبائلهم ونسائهم. من أبرز شعراء الفخر:

الفرزدق التميمي: كان من الشعراء الذين مدحوا النساء في قصائدهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن شرف القبيلة.

الهجاء: كان الهجاء من الأغراض الشعرية البارزة في العصر الأموي، حيث كان الشعراء يهجون أعداءهم. من أبرز شعراء الهجاء، الراعي النميري (عبيد بن حصين النميري).

الشعر السياسي: في العصر الأموي، كان الشعر يعبر عن الصراعات السياسية بين القبائل والأحزاب. من أبرز شعراء الشعر السياسي:

الأخطل: كان من شعراء البلاط الأموي، وقد كتب شعراً يدعم الدولة الأموية.

في العصر الأموي، كان الشعر يعكس التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي شهدتها الدولة الأموية. وقد تنوعت أغراض الشعر في هذا العصر، حيث شملت الغزل والرثاء والفخر والهجاء والحكمة، بالإضافة إلى الشعر السياسي. وكانت المرأة حاضرة بقوة في هذا الشعر، سواء كموضوع للشعر أو كشاعرة. لقد جسد الشعر الأموي المرأة بكل أبعادها، مما يعكس تطور المجتمع الأموي وثرائه الثقافي.

المرأة في الشعر العباسي والأندلسي

مع تطور الشعر في العصر العباسي والأندلسي، تطورت أيضاً صورة المرأة في الشعر. في هذه الفترة، أصبحت المرأة مصدراً للإلهام والجمال، لكنها أيضاً بدأت تظهر كشخصية فاعلة في الحياة الأدبية. في الأندلس، على سبيل المثال، برزت شاعرات مثل ولادة بنت المستكفي، التي كانت تُعتبر من أبرز الشاعرات في ذلك العصر. كما أن الشعراء الذكور في هذه الفترة، مثل أبي نواس والمتنبي، استخدموا صورة المرأة للتعبير عن مشاعر الحب والجمال، لكنهم أيضاً أضافوا أبعاداً جديدة لتصويرها، مثل الذكاء والثقافة.

في العصر العباسي، شهدت صورة المرأة في الشعر تطوراً ملحوظاً، حيث أصبحت أكثر تنوعاً وتعقيداً، مما يعكس التحولات الاجتماعية والثقافية التي مرت بها الدولة العباسية. فقد كانت المرأة في هذا العصر موضوعاً رئيسياً للشعر، سواء في الغزل، أو في الوصف أو حتى في النقد الاجتماعي. وقد تنوعت صورتها بين الحبيبة العذراء، والمرأة العالمة، والجارية المثقفة، والأم الحكيمة، وغيرها من الأدوار التي جسدتها في الشعر العباسي.

المرأة في شعر الغزل

في الشعر العباسي، استمر الغزل كأحد الأغراض الشعرية الرئيسية، لكنه تطور ليشمل أبعاداً جديدة. فقد ظهرت صورة المرأة ككائن ملهم، لكنها أصبحت أكثر واقعية وأقل مثالية مقارنة بالشعر الجاهلي. الشعراء مثل أبي نواس ومسلم بن الوليد وبشار بن برد كتبوا عن المرأة بوصفها كائناً بشرياً له عيوبه ومزاياه، وليس مجرد رمز للجمال المثالي.

المرأة الجارية والمثقفة

في العصر العباسي، لعبت الجواري دوراً بارزاً في الحياة الثقافية والأدبية، حيث كنّ يتلقين التعليم في الفنون والآداب، ويشاركن في المجالس الأدبية. وقد أصبحت الجواري مصدر إلهام للعديد من الشعراء، مثل أبي نواس الذي تغنى بجمالهن وذكائهن. كما أن بعض الجواري كنّ شاعرات بحد ذاتهن، مثل عريب المأمونية، التي عُرفت بشعرها الرقيق وقدرتها على الرد على الشعراء في المجالس الأدبية.