21-04-2025 08:24 AM
بقلم : يحيى الحموري
في زمن التحوّلات الحادّة، والانفعالات المتسارعة، تتعالى الأصوات، وتتكاثر التحليلات، ويرتفع منسوب التوقعات… حتى كأنّ مجلس النواب بات على مرمى قرار، أو قاب قوسين من حلّ مفاجئ!
لكن الدولة التي نعرفها، والتي نؤمن برُشدها وعمق تجربتها، لا تُدار بالعواطف، ولا تُحكم بالتكهنات، ولا تهتزّ من عاصفة رأي عابر.
الأردن دولة مؤسسات… لا انفعالات،
دولة دستور… لا أهواء،
دولة ميزان… لا ميزاج.
أما مجلس النواب، فليس جسراً يُهدم عند أول طارئ، ولا عبئاً يُزال في لحظة اضطراب. بل هو بيت الشعب، ومحراب الرقابة، ومنبر التشريع، وهو من إفرازات الوعي الشعبي عبر صناديق الاقتراع، لا صدى لضجيج اللحظة ولا ضحية لمؤامرة العتمة.
نعم… نُحاسب المسيء، ولا أحد فوق القانون،
لكننا لا نحاسب المؤسسة بمزاج، ولا نهدم بنياناً ديمقراطياً بسبب شبهة،
ولا نقايض سيادة القانون بلحظة انفعال!
إن الخلية التي أُعلن عنها، مهما كانت خطورتها، تُواجه الآن مساراً قضائياً عادلاً، ومُحاطاً بضمانات دستورية، وعلينا أن ننتظر كلمة القضاء، لا أن نسبقه، ولا أن نبني على المجهول وهماً سياسيّاً يقلب المشهد.
إن الدعوة إلى حل المجلس اليوم، ليست فقط قفزة في المجهول، بل هي انقلاب ناعم على فكرة الدولة الحديثة، وإهانة لمسارٍ بعين التحديث، وإرادة الإصلاح، ورؤية طويلة الأمد.
فكيف نقول بالتحديث ونقترف الهدم؟
وكيف نطالب بالثبات ونهرول إلى الرجوع؟
وكيف نُربي على الديمقراطية ونُجفف جذورها بأيدينا؟
إن الثقة بالوطن، لا تكون بشدّة الصوت، بل بحكمة الموقف.
والمسؤولية لا تقتضي إسقاط المجلس، بل صيانته.
والوفاء للوطن لا يكون بالتصفية، بل بالتصفّح العميق للواقع، والفصل بين العارض والدائم، وبين المخطئ والبريء، وبين المؤسسة والخطيئة الفردية.
دعوا المجلس قائماً… فهو ليس خصماً بل شريك،
ودعوا المؤسسات عاملة… فهي ضمانة لا عبء،
ودعوا الدولة تمضي كما أرادها المؤسسون… صلبة لا تنكسر، عاقلة لا تُستفز، دستورية لا ترتجل.
فمن يطالب بحل المجلس في لحظة ذعر، كمن يطفئ النور عند أول رجفة، ويهدم السقف عند أول تساقط، وهذا ليس حلاً بل هروب، وليس إصلاحاً بل إخفاق.
فلنحمِ التجربة… لا نُفرّط بها،
نُرسّخ الديمقراطية… لا نُعلّقها،
نُعزز القانون… لا نستبدله بردود الفعل!
الأردن أقوى من المؤامرات،
أكبر من الخلايا،
وأرسخ من الأزمات العابرة…
فلا تجعلوا من الأزمات مبرراً للنكوص،
ولا من الأخطاء سبباً للارتكاس،
بل اجعلوها وقوداً للتقدم، وأدوات نُحسِّن بها لا نُحطِّم بها.
نعم… لبقاء مجلس النواب،
نعم… لدولة القانون،
نعم… لصوت الشعب،
نعم… لأردنٍ يعلو بالحكمة لا بالخصام،
ويُبنى بالثقة لا بالهدم.
يحيى الحموري
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-04-2025 08:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |