08-04-2014 07:19 PM
سرايا - سرايا - تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططها التهويدي لتحويل طريق باب المغاربة المؤدي للمسجد الأقصى المبارك إلى جسر عسكري ضخم، بعدما هدمت أجزاءً كبيرة منه، بهدف تهيئته لحمل آليات ومعدات عسكرية، ولاقتحام مئات الجنود الإسرائيليين للأقصى على دفعةٍ واحدة.
ويُعتبر الجسر جزءاً من مخطط كامل لتهويد تلة المغاربة الواقعة غربي الأقصى، وتدعم عدة جهات إسرائيلية هذا المخطط، وتتمثل في حكومة الاحتلال، وما يسمى "بصندوق تراث المبكى"، و"الشركة الإسرائيلية من أجل تطوير الحي اليهودي".
وبدأت طواقم بناء هندسية وفنية إسرائيلية صباح الثلاثاء بنصب أعمدة وألواح خشبية كبيرة في طريق باب المغاربة على مساحة 10 ×10 أمتار، وتدعيم هذه الألواح بألواح أخرى ، وقاموا بدهانها. وفق ما يقول مدير الإعلام بمؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا".
وتبلغ مساحة المخطط- وفق أبو العطا- 1.6 دونمات، وعموده الأساسي بناء جسر عسكري على حساب تلة المغاربة، وهي المساحة المتبقية من حي باب المغاربة بعدما هدمه الاحتلال في 11 يونيو 1967، وكان طوال السنين يشكل مدخلًا للأقصى للقادمين من جهتي الجنوب والغرب.
ويرى مقدسيون أن بناء الجسر يشكل سابقة خطيرة، واعتداءً ممنهجًا على وقف إسلامي، ويمثل مقدمة لهدم الأقصى والسيطرة الكاملة عليه، مما يتطلب تدخلًا عربيًا ودوليًا عاجلًا لوقف تركيبه، وحماية المقدسات الإسلامية.
مرحلة جديدة
ويوضح أبو العطا أن عشرات الأعمدة والألواح الخشبية تم نصبها صباحًا، بما يشبه التأسيس لمرحلة جديدة في استكمال بناء الجسر، وتهيئة تلة المغاربة لتكون سلسلة من الكنس اليهودية، مشيرًا إلى أن العمل مازال مستمرًا.
ويلفت إلى أن العمل يجري في وسط الطريق بنقطة التصاقه بساحة البراق، ومن المتوقع أن يستمر بنفس الوتيرة، مما يؤكد أن الاحتلال بدأ ببناء الجسر العسكري وتحويل باب المغاربة لكنس يهودية، ولكن بشكل بطئ.
ويبلغ طول الجسر يبلغ 200 متر، وعرضه ما بين 5-18 مترًا، يبدأ من باب المغاربة بشكل مائل إلى الأسفل، ويصل تقريبًا بمحاذاة باب المغاربة الخارجي، وسيعمل على 16 عامودًا فولاذيًا.
ويبين أن الهدف من بناء الجسر تهيئته لإمكانية إدخال سيارات وآليات عسكرية إلى المسجد الأقصى، ولاقتحام عسكري واسع للمسجد قد يصل إلى آلاف الجنود الإسرائيليين في لحظة واحدة.
وهدمت سلطات الاحتلال منذ السادس من فبراير عام 2007، جزءً كبيرًا من طريق باب المغاربة، وقد استمر إلى الآن على مواسم، فأحيانًا يتواصل وأحيانًا أخرى يتوقف العمل.
ويضيف أن الاحتلال يسعى لتحويل ما سيتبقى من داخل الطريق إلى حيزات مسقوفة لصلاة النساء اليهوديات أو ما يمكن تسميته سلسلة من الكنس اليهودية، وكذلك القيام بعمليات حفر وتدمير للموجودات الأثرية من الجهتين الشمالية والغربية للطريق بهدف توسيع ساحة البراق لليهود.
وكان الاحتلال ينوي مطلع عام 2007 هدم الطريق بغالبيته، وبناء الجسر مباشرة، ولكن ردود الأفعال العربية والفلسطينية أوقفت في حينه العمل مؤقتًا، إلى أن تجدد عامي 2010-2011، حتى وصلت الخطوات التنفيذية مع نهاية العامين إلى تجميد قرار التنفيذ بسبب ردود الأفعال أيضًا.
وباب المغاربة هو أحد أقدم وأهم أبواب المسجد الأقصى، ويقع في الجدار الغربي منه، ويوصل إليه بطريق صاعدة أقيمت فوق تلة ترابية ترتفع حتى تلاصق جدار الأقصى، ويُستخدم الطريق بالأصل ممرًا للمصلين القادمين من باب المغاربة الآخر على سور المدينة المقدسة، أو من داخل البلدة القديمة ذاتها.
أعمال بطيئة
وفي منتصف عام 2012 تم استئناف تهيئة العمل ببناء الجسر، وتحول الاحتلال من اعتماد طريقة الهدم المباشر والسريع إلى العمل البطيء والهادئ لاستكمال هدم طريق باب المغاربة، وتهيئة التلة لبناء الجسر.
ويتابع أبو العطا أنه منذ ذلك الوقت وحتى اللحظة يقوم عشرات الحفار الإسرائيليين بالحفر اليدوي في ظاهر الطريق، وبالذات في المنطقة العليا، حيث تم خلالها حفر أربع حفر عميقة في حدود الطريق، لا يمكن مشاهدتها إلا من الداخل.
ويشير إلى أنه خلال هذا الوقت كانت تجري هناك أعمال متواصلة لما تبقى من الطريق لتحويلها إلى حيزات لصلاة اليهود أو إلى كنس تخدم اليهوديات، منوهًا إلى أن الحفريات ما تزال متواصلة في أطراف طريق المغاربة من الجهات الجنوبية والغربية والشمالية.
ويؤكد أن الاحتلال ينفذ بشكل هادئ مخطط بناء الجسر، ولا نستبعد بأن يستغل الظروف الإقليمية والمحلية من أجل تركيبه خلال فترة زمنية قصيرة، موضحًا أن الجسر موجود بهيئته الفولاذية الكاملة، ولكنهم ينتظرون الوقت المناسب لتركيبه بشكل سريع، كما أنه يحتوي على مركز أمني في بداية طريق المغاربة.
وينوه إلى أنه خلال عمليات الحفر والهدم تم وجود العشرات من المكتشفات الأثرية من الفترات العباسية والعثمانية والأموية والأيوبية والمملوكية، وكذلك وجود محراب إسلامي في الغرفة التي تحت الطريق، حيث اعترف الاحتلال في الأشهر الأخيرة بوجود هذا المحراب بخرائطه.
ردود فعل
ويرجع أبو العطا قيام الاحتلال بعمليات بناء سرية للجسر إلى خشيته من ردود فعل عربية وفلسطينية كبيرة، حيث أنه في كل مرة يُسرع ويبدأ باستئناف الحفريات بشكل كبير، والإعلان عن هدم الطريق كان يعقبه ردود أفعال كبيرة، وخاصة من قبل الأردن وبعض الدول العربية، مما يدفعه للتراجع عن ذلك.
ويضيف أن الاحتلال يراوغ في ذلك، بمعنى أن الأردن كانت قد تقدمت بمخطط كامل لترميم تلة المغاربة، وجرى المصادقة على المخطط وقبوله من منظمة "اليونسكو"، ولكن الاحتلال يصر على أنه هو الذي يقوم بالأعمال في طريق باب المغاربة.
ويتابع "لاشك أن الوضع الإقليمي والمحلي الفلسطيني غير مستقر، وبالتالي فإن الاحتلال يخشى من ردود فعل كبيرة يمكن من خلالها أن تتصدى قضية القدس والأقصى للأحداث".
وتكمن مخاطر بناء الجسر –وفق أبو العطا- في أنه يهيئ الأجواء لاقتحامات جماعية للأقصى، كما أن الحفريات تشكل خطرًا على سلامته، حيث تجري حفريات عميقة تحت باب المغاربة وصلت إلى أسفل أساسات المسجد، وتشكل أيضًا تدميرًا ممنهجًا للكثير من الآثار العربية والإسلامية العريقة.