09-02-2025 03:33 PM
بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
لدى الفلاحين مثل يقول (العَليِق عند الغارة ما بِفِيق)، ومعناه أنّ تعليف الحصان وقت الغارة فقط، لا يأتي بنتيجة أبدًا، ما لم يتم تغذية الحصان بوقتٍ كاف، حتى تكون لديه القدرة الكافية على الثبات في المعركة.
في الأزمات، عادةً ما يتم تشكيل خلية لإدارة الأزمة، هذه الخليّة لن تستطيع إدارة الأزمة والخروج منها ما لم تكن قد وضعت مسبقًا خططًا قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وما لم تكن مدرّبة على التعامل مع الأزمة، وما لم تكن كل الفرضيات مطروحة على طاولة النقاش أمامها، ولعل الأسهل في كل ذلك أن تكون الأطراف ذات العلاقة بالأزمة على دراية مسبقة، ووعي كاف، يجعلها قادرة على التعاون بمرونة مع خلية الإدارة، أو الجهة المعنيّة بإدارة الأزمة.
في إقليمٍ مضطرب، وعالمٍ يموج بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والغذائية والأخلاقية، لا تكفي خلية لإدارة كل أزمة من الأزمات على حدة، بل لا بدّ من أدوات معرفية وطنية قادرة على إيجاد وعي كلّي موّحد تجاه الأزمات، وتفكير نقدي شامل يقبل الرأي والرأي الآخر، وهذا يستلزم خطابًا آمنًا يحمل في طيّاته ثقةً حقيقيةً بين المرسل والمستقبِل، عبر إنشاء قناة تواصل سريعة تكون سبّاقة في نقل الحدث وتداعياته قبل الآخرين.
هنا تبرز أهمية التكامل بين القطاعات الرسمية العامة، مثل مجلسي الأعيان والنوّاب، ووزارة الثقافة، والتربية، والتعليم العالي، والشباب، والإعلام، والأوقاف، والتنمية السياسية، والتنمية الاجتماعية، وبين القطاعات غير الرسمية مثل الأحزاب، والنقابات، والبلديات، والجمعيات، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، بما يسمح ببناء جبهة وطنية موحّدة، تقف على أرضٍ صلبة وقناعاتٍ مشتركة، وبما يسمح بتبادل ونقل الخبرات والأفكار بين مختلف المكوّنات الوطنية.
يعلم الجميع أنّ التحديّات كبيرة وكثيرة، ويعلم الجميع أنّ الاتفاق التاّم على كل شيء أمرٌ مستحيل، لكن ما ليس مستحيلًا هو الاتفاق على الثوابت والقناعات المشتركة، التي تضمن وحدة الوطن في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية.
الحديث يطول، وفيه الكثير مما يمكن الخوض فيه من تفاصيل فيها اتفاقات واختلافات في زوايا الرؤية، وطريقة الإدارة، وهنالك الكثير ممّا يمكن انتقاده والتأشير عليه، والدعوة لتصويبه، فلا يمكن أبدًا احتكار الوطنيّة على فئةٍ دون غيرها، فليس الموظف العام مثلًا، بأكثر وطنية من معارضٍ لسياسات الحكومات المتعاقبة، فالوطن للجميع، حتى وإن اختلفت طريقة التفكير فيما بينهما، لأنّها نابعة أصلًا من الزاوية التي ينظر كل واحد منهما للأمر، لكنهما في النهاية في مركبٍ واحد، وإن لم يكن الإبحار منظمًا، وإن لم تكن وجهة الإبحار متفقٌ عليها من الجميع، فإنّ الجميع سيكونون في دائرة الغرق، هم والمركب الذي يحملهم.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى تأسيس جبهة وطنية موحّدة متفق عليها من الجميع، لعلها تكون فاتحةً لبناء وطنٍ نحبه، وندافع عنه حدّ الموت.
المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-02-2025 03:33 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |