05-03-2025 12:08 PM
بقلم : يوسف رجا الرفاعي
إنهار الاتحاد السوفيتي وترسانة الاسلحة التي كان يمتلكها كانت بعض انواعها متطورة ومتفوقة على كثير من الأسلحة التي كانت تمتلكها امريكا في ذلك الوقت وان تلك الترسانة بالمجمل كانت موازية ومتوازنة مع الترسانة العسكرية الامريكية كأنهما كفتي ميزان وانهار الاتحاد السوفيتي دون ان تُطلَق من تلك الترسانة طلقةً واحده ،
وروسيا اليوم تمتلك من القوة العسكرية الفتَّاكة والمتطورة الشيء الكثير جداً وربما لديها ترسانة اسلحة قريبة الى حد ما من ترسانة الامريكان ،
الشاهد من هذه المقدمةِ المعلومةِ والمعروفةِ للعوام من الناس ناهيك عن اصحاب الاختصاص هو ان حجم ونوع السلاح يكون فقط أداة تدميرية تعود بالضرر على مُستَخدِمها او تبقى في مخازنها إن لم يكن لتلك الاسلحة عقيدة وارادة ورسالة وهدف نبيل من وراء امتلاكها ولنا في هذا المقام شاهدان ؛
الاتحاد السوفيتي الذي بقيت اسلحته في مخازنها ، والثاني هو استخدام هذه الأسلحة ظلماً واعتداءً وإجراماً وسيعود ضررها على من استخدمها ولو بعد حين كما فعل ويفعل الامريكان في غزه الآن .
ربما مَلَّ مَن اتشرَّف بقراءتهم لمقالاتي لكثرة تكراري لمصطلح " روسيا وايران مُستأجَرَتان" ولكن ربما يشفع لي في هذا التكرار ما حدث ويحدث على الارض الان بالفعل لا بالقول حيث اثبتت الاحداث التي جرت في سوريا والتي على اثرها خرجت روسيا وايران منها دون اية مقاومة او اي رد فعل على الإطلاق تاكيد على ان وجودهما فيها لم يكن بقرار منهما ولم يدخلانها بقوة عسكرية او بعد قتال بل تم استئجارهما لضبط الامور من اجل تنفيذ مخططات عُمِلَ عليها منذ زمن .
الخاسر الأكبر فيما حدث في سوريا هي ايران التي استغلت فترة عقد عملها هناك فقتلت الآلاف وارتكبت مجازر تطهير عرقي في بعض المناطق تنفيذاً لما كانت تحلم به يوماً من ان يكون لها في تلك الأرض موطئ قدم لنشر مذهبها وبسط نفوذها على المنطقة فقامت بتغيير ديمغرافي على امل ان يطول بقائها فيها ولكن لم تجري رياحها كما اشتهت سفنها وها هي الان تنتظر عقد عمل جديد على أحرِّ من الجمر لأنّ بقاءها داخل حدودها فيه ضرر بالغ على تطلعاتها الاستراتيجية البعيدة المدى وفقا للأيديولوجيا الفكرية والثقافية والسياسية التي لا تخفى على أحد ،
أما روسيا ؛ فهل حققت في تواجدها في سوريا اية اهداف استراتيجية لها !! ولو كان بقاءها فيه مصلحة او بُعد استراتيجي لدافعت عنه وحاربت من اجله وهذا تاكيد على ان وجودها كان بعقد عمل فيه مصلحة مادية بالدرجة الاولى وحفظاً لماء وجهها كما اراد ذلك مُستأجِرها الذي له مصلحة بالغة الاهمية في إظهارها على انها نِدَّاً لها ، ومعلوم للعموم أيضاً ان بوتين الذي يحكم روسيا بالفكر والعقلية الاستخباراتية والامنية قادر على التعامل مع التحرك الامريكي في المنطقة واستيعابه واستغلاله استغلال العاجز عن المواجهة ، وعلى ما يبدو فقد اختار ان يسلك النهج الصيني في التعامل مع الواقع وربما لديه إيمان قوي بالحكمة الصينيه فها هو يجني ثماراً لم يكن يتوقعها .
ما جرى في الايام الماضية من حدثٍ صَدَمَ اوروبا باكملها وجعل رَدَّة فعلها ازاء ما حدث مع زيلينسكي صادماً لامريكا ايضاً هو انعطافة تاريخية بلا شك ، فاوروبا لها نهج مختلف عن نهج دول العالم الثالث والدول النامية ، يعلمون انهم شركاء مع امريكا في حلف الناتو ويعلمون ان لامريكا مصلحتها التي هي اولاً، ولكنهم لم يكونوا يتوقعوا ان يكون السلوك الامريكي معهم بهذه الفجاجة او بهذا النوع من التهديد الذي اصبحوا يسمعونه صباح مساء ، بل ادركوا اليوم أن امريكا قد وضعت يدها في يد بوتين لمواجهتها ، ونعلم أن معظم دول اوروبا تتعامل مع امريكا على انهم شركاء في مصالحهم وليسوا حلفاء كما يحلوا لكثير من دول العالم الثالث النامي ايهام نفسه بانه حليف لامريكا وهي من ذلك براء ،
استخدام روسيا الان في مواجهة الغرب من حيث المبدأ ( كأجير ) هو نسخه طبق الاصل عن استخدامها في سوريا مع الأخذ بعين الاعتبار وضعها الراهن مع اوكرانيا وقربها الجغرافي من اوروبا، ربما يكون لذلك اثر ايجابي مادي لروسيا لأن مهمتها اعقد واصعب ففي سوريا كانت تواجه شعبا اعزلاً وانفردت به وعملت بكل أريحية وقامت بواجبها دون مُعوِّقات ، اما الان فهي امام قارة كاملة السيادة وامام شعوبها التي تنعم بقدر عال من الاستقرار والهدوء والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي منذ ما يقرب من قرن من الزمن .
امريكا وبريطانيا حليفتها الوحيدة التي تقودها سياسياً أطلقتا معاً يد المحتل لفلسطين بالتحرك في كل الاتجاهات وفقاً لما تسمح به ظروفه العسكرية المدعومة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً بلا حدود ، وتركتا القرار لقادتها في اختيار لحظة التنفيذ التي توشك ان تبدأ ، وما تواجد قوات جيش الاحتلال على ابواب دمشق وبقاءه في مناطق استراتيجية في لبنان إلا دليل على ذلك ، هذه سابقة تاريخية إذ اعلنوها صراحة بشكل رسمي حيث كان هذا الأمر يجري سراً ، أمَا وأن الدولة العميقة في امريكا اتت بالرئيس الحالي لتنفيذ رؤية الدولة العالمية العميقة في رسم خريطة المنطقة من جديد وذلك استغلالا لهذا الخواء العالمي الذي احدثته هي وأفسحت المجال لامريكا كقوةٍ آمرةٍ ناهيةٍ لا يخرج عن طوعها احد فها هي تقوم بالتنفيذ على الارض في ظل تعطيل تام لكافة القوانين والهيئات والمؤسسات الدولية وغيابٍ صيني نابعٍ من خبرتها وحكمتها الضاربة جذورها في التاريخ منذ الاف السنين فهي في واد والعالم كله في واد آخر تجني ثمار هذه المرحلة من التاريخ التي يندر تكرارها والتي ربما لن يطول أمدها .
يبقى السؤال الأهم والمُلِحِّ في هذه الأيام، فَبَعدَ ان عَلِمنا بمهام روسيا الجديدة التي أُوكِلَت اليها ،
وفي ظل تحركات عسكرية امريكية اسرائيليه عالية المستوى تجري الآن تحت عنوان "تدريبات ومناورات"
يا تُرى أين سيتم تعيين وتوظيف ايران في هذا الوقت بالذات !!!
يوسف رجا الرفاعي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-03-2025 12:08 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |