08-03-2025 11:36 AM
بقلم : رضا السميحيين
تعيش إسرائيل واحدة من أكثر أزماتها السياسية تعقيدًا، حيث يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه محاصرًا بين شركائه في الائتلاف الحكومي وتنامي نفوذ اليمين المتطرف. الأزمة هذه المرة ليست مع المعارضة أو القوى الخارجية، بل في قلب تحالفه الحاكم، حيث يهدد المتدينون اليهود "الحريديم" بسحب دعمهم لقانون الميزانية ما لم يُمنحوا إعفاءً من الخدمة العسكرية، ما يضع مستقبل الحكومة على المحك.
مع اقتراب الموعد النهائي لإقرار الميزانية نهاية مارس، تبدو الخيارات أمام نتنياهو محدودة. فالقانون الإسرائيلي ينصّ على أن عدم تمرير الميزانية يعني حلّ الحكومة تلقائيًا، ما يعني أن رئيس الوزراء يواجه معادلة صعبة: إما الرضوخ لمطالب الحريديم، ما قد يثير غضب الأوساط العسكرية والعلمانية، أو المخاطرة بفقدان أغلبيته البرلمانية الهشة التي لا تتجاوز 63 مقعدًا من أصل 120.
لكن وسط هذه المعركة، يبرز اسم إيتمار بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، كورقة أخيرة قد يلجأ إليها نتنياهو لإنقاذ حكومته. بن غفير، الذي أُبعد سابقًا من الحكومة، يفرض شروطًا ثقيلة لعودته، تشمل التصعيد العسكري ضد غزة، ووقف المساعدات الإنسانية، بل وحتى إعادة إحياء فكرة تهجير الفلسطينيين وفق ما يُعرف بـ"خطة ترامب". هذه الشروط، التي تعكس أجندة يمينية متطرفة، لا تهدد الفلسطينيين فحسب، بل تضع إسرائيل أيضًا أمام اختبار خطير حول مدى استعدادها للغوص أعمق في مستنقع السياسات المتشددة.
الأزمة الحالية تكشف تناقضًا جوهريًا في المجتمع الإسرائيلي، إذ يرفض "الحريديم"، الذين يشكلون نحو 13% من السكان، التجنيد الإجباري بدعوى الحفاظ على هويتهم الدينية، في حين ترى الأوساط العلمانية والعسكرية أن هذا الإعفاء يُكرّس انعدام المساواة داخل المجتمع.
وفي ظل هذه الانقسامات، يواجه نتنياهو لحظة حاسمة: هل يغامر بإرضاء المتدينين على حساب القاعدة العلمانية؟ أم يُعيد بن غفير إلى الحكومة، رغم العواقب السياسية والأمنية؟ الخيارات كلها تحمل في طياتها تصعيدًا داخليًا وخارجيًا، لكن المؤكد أن التطرف هو المستفيد الأكبر، سواء بتمرير قوانين تعمّق الشرخ الداخلي أو بفتح الباب أمام سياسات أكثر عنفًا تجاه الفلسطينيين.
الايام القادمة تحمل الاجابة ، هل يستطيع نتنياهو النجاة من هذه العاصفة كما فعل مرارًا في السابق؟ أم أن لعبة الكراسي هذه ستنتهي بسقوطه أخيرًا؟ والأهم، ما الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون إذا قرر نتنياهو أن طريق بقائه في السلطة يمر عبر التصعيد؟
السياسة الإسرائيلية، كما يظهر جليًا، ليست سوى سباق مستمر للبقاء في الحكم، لكن من يدفع الثمن الحقيقي؟ الإجابة دائمًا تأتي من فلسطين!!!.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-03-2025 11:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |